احتلال كفر كنا من قبل الوحدات الخاصة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 يوم السبت الماضي 17.01.2009 نشب شجار عائلي في قريتنا (كفركنا). اثناء الشجار استخدمت المسدسات وانطلقت عدة أعيرة نارية بين أطراف النزاع. أستمرت المشاحنات والأجواء الساخنة حوالي 4 ساعات، أثناءها كان ينبغي على الشرطة أن تأتي للقرية وتفض النزاع وتحافظ على النظام… والأرواح. 

 

كالعادة، لم تأت الشرطة إلا بعد ان هدأت الأجواء. وصلت الى الحي أكثر من 35 سيارة شرطة من نوع GMC محشوة حشوا بأفراد الوحدات الخاصة، حيث سدت نصفها الحي من طرفه الجنوبي، ونصفها الآخر أغلقت منافذ الحي من طرفه الشمالي. توقفت سيارات الشرطة في كل مداخل الحي، نزل منها عدد لا نهائي من افراد شرطة الوحدات الخاصة (יס"ם) ملثمين ومتلفعين  بأزياء سوداء غير تقليدية مطلقا وأسلحة رشاشة من نوع M4 التي لا تعطى إلا لمجموعات منتقاة من وحدات الجيش والشرطة.. أغلقوا كل المعابر أمام المارة، وتم فرض حظر التجول في الحي. 

 

كان المشهد دراماتيكيا جدا. بهذه البساطة احتلوا كفر كنا؟

كفر كنا التي لها تاريخ حافل بالطوشات والشجارات وأعمال الشغب وحوادث القتل، أضف الى ذلك رصيدا لا بأس به من عدد المرات التي اغلق بها الشارع الرئيسي إثر أحداث سياسية وطنية مثل انتفاضة الأقصى في 2000 وانتفاضة غزة مطلع 2009، وطبعا عددا من الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الوطن  في مراحل مختلفة من التاريخ.

خلال ثوان معدودة وأنا ارقب المكان ولسبب ما بدأت اعد سيارات الشرطة القادمة من بعيد، وقد بدا ذلك المنظر مخيفا نوعا ما في الحقيقة، أو لأنه كان غير مألوف. هذه ليست أول مرة يحدث فيها شجار على إثره يتم استدعاء الشرطة، فقط حدثت شجارات كثيرة كنت شاهدا على كثير منها (نظرا لأن كثيرا منها تحدث في المنطقة الاستراتيجية الهامة من قريتنا، وهي الحي الذي أسكن فيه)، حتى أنني في إحدى الطوشات التي كان فيها اطلاق نار متبادل وقد كنت صغيرا عندئذ، كدت أصاب بطلق ناري سمعت أزيزه قاب قوسين أو ادنى من رأسي حين مر من فوقه، ربما بحث عن رأس أنضج منها.

المهم انه في كل الشجارات كان يتم الاتصال بالشرطة التي كانت تتأخر عمدا وبصورة مفضوحة، ولا تأتي الا بعد ان يجهز طرف على الآخر أو حين يسقط القتلى، أو يدخل المتخاصمون في هدنة غير رسمية نتيجة أحوال القطس، أو فرح، أو مأتم. وحين كانت تأتي الشرطة كانت تأتي سيارة او سيارتان على الأغلب، ليست GMC المخيفة وإنما من تلك ال Berlingo (النذلة) وبها عنصرين او ثلاثة من الشرطة "الجماهيرية"، التي لا تملك إلا الشعور بالاستهزاء والازدراء لها حين تراها.

ما الذي اختلف في هذه الطوشة حتى تأتي اكثر من 35 سيارة جي أم سي معبأة حتى مخزن الوقود بعناصر الوحدات الخاصة مع أنه في هذه الطوشة لم تكن هناك أي اصابات، بل لم يكن أي اشتباك بالعصي او حتى الأيدي، ومعظم الاعيرة النارية اطلقت في الهواء ؟ 

 الاجابة واضحة.. الشرطة باتت تعتبر كل القرى والمدن الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 1948 "قنابل موقوتة"، وسكانها مخربون ارهابيون، فتم ادخال هذا العدد الكبير من القوات تحسبا لأي اعتداء على الشرطة ولضمان حمايتها، ونوع من الردع أو التخويف. 

 

من ناحية أخرى، لا أعتقد أن اهل كفر كنا كانو سيعتدون على هذه الشرطة التي هي نفسها التي ضربت ونكلت بالمتظاهرين من ابناء كفر كنا وكل القرى والمدن العربية في الداخل ، الذين خرجوا للتظاهر خلال العدوان الاسرائيلي على غزة ، لأن هذا لم يحدث من قبل، ولسنا عدوانيين بطبعنا إلا فيما ندر.  هنا، لا يمكن إلا القول أن هذا كان استفزازا صارخا للعرب سكان كفر كنا، ان يدخل العشرات من أفراد القوة الخاصة (وقد وضعوا أعلام إسرائيل على زجاج السيارات، ليس بالصدفة)، وتغلق حيا مركزيا في البلد، وتمنع الناس من المرور من وإلى بيوتهم، حتى أن جرارا زراعيا امروه بالرجوع ، ومعاملة الناس بقسوة ودفعهم بالأيدي وضرب بعضهم بالهراوات المعدنية، كل هذه دلائل على أنها ليست مجرد محاولة لفض نزاع، لكنها محاولة لخلق بيئة جديدة ، ولك أن تتخيل ما كان سيحدث لو أن مشادة حدثت مع رجال الشرطة بين السكان الذين حرموا من التنقل من وإلى بيوتهم (!)، وحدث اشتباك مع الشرطة التي كان افرادها عمليا في مركز البلد محاطين بآلاف من سكانها الذين ينامون ويصحون على مشاهد القتل والدمار وسفك الدماء في غزة… لكن الله لطف !

هذه صور من موقع رادار التقطها للحادث، أسفلها فيديو صورته من هاتفي الجوال ويظهر فيه منع المارة من المرور ودفعهم بفظاظة وعنجهية

 

 

 

الفيديو : من هاتفي

5A3qVrE6u5E

 

QMAIy2Euqyo

ما رأيك بما قلتُه؟ أسعدني برأيك !!