تساؤلات حول مقالة عزمي بشارة “مستقبل النضال الفلسطيني.. رسالة إلى الشباب”

هي مقالة رائعة، خلاصتها أنه يجب الاتفاق عربيا وفلسطينيا بشكل خاص على الثوابت الوطنية وتحديدها كسقف لا ينبغي تجاوزه في أي  تسوية أو حل.

لكن يجب التنويه لما يلي، وارجو ان تعوا أنها ليست مزايدات بقدر ما أنها تساؤلات مشروعة حول تصريحات د. بشارة، شخص أحترم فيه مواقفه الوطنية المسؤولة، وفكره المستنير وخبرته السياسية.

1- لاحظوا جملته المركزية في المقال:

http://www.aljazeera.net/mritems/images/2010/10/16/1_1019316_1_34.jpg

د. عزمي بشارة محنك كعادته.. لا يظهر هذا فقط في اتقانه فن التلويح للثور من خارج الحلبة، (وأقصد بذلك اتقانه لإيجاد الحلول لمأساة شعب ووطن لم يعد أصلا جزءا منه باختياره هو نفسه) بل وأيضا من خلال توريته واختيار مصطلحات ضبابية هي ما يضمن له الخروج من أي مأزق مرتقب.

كي لا يبدو كلامي محاولة للتفلسف، لاحظو الكلمات التي يستعملها د. بشارة أعلاه.. يقول “الافق الوحيد لأي تحرر هو أن يعيش السكان في فلسطين”…. “السكان”!؟؟ قصدك العرب ولا الفلسطينيين ولا العرب الفلسطينيين ولا العرب الاسرائيليين ولا اليهود أيضا؟ الأغلب انه يقصد السكان عربا ويهودا لأن من أدبيات التجمع السياسية هي “المواطنة الكاملة”.. طبعا، مواطنة إسرائيلية كاملة. لكن د. بشارة لم يذكر ذلك صراحة في مقال سينشر في الجزيرة التي يرتادها ملايين العرب والمسلمين كي لا يثير حنقهم او يغير من نظرتهم إليه  بصفته إنسانا ليس مفكرا فحسب، بل مناضلا أيضا.

وكذلك الأمر بالنسبة لقوله “دولة واحدة تقوم على المواطنة الديمقراطية”.. فهل ستكون هذه دولة فلسطينية مثلا، فيها يعيش اليهود والعرب في ديمقراطية ومساواة (غير ممكن إلا تحت دولة خلافة إسلامية ينعم الكل فيها بمساواة وعدالة حقيقية، والتاريخ الاسلامي حافل بالأمثلة على ذلك، لكن ذلك ما يرفضه د. بشارة وحزبه القومي العلماني). طبعا لن تكون دولة فلسطينية لأن اليهود لن يرضو العيش فيها، فهل يقصد د. بشارة ان تكون دولة يهودية اسرائيلية فيها يعيش “المواطنون” عربا ويهودا، فلسطينيين وصهاينة، في ديمقراطية ومساواة؟ ليس من احتمال آخر يحمله ذاك النص . وليس نقاشي هنا حول مدى “وطنية” هذا الموقف، بقدر ما أنه إشارة لتقنية التورية التي يجيدها د. بشارة جيدا.

2- هل لاحظتم انعدام المقال الطويل جدا لأي إشارة للأمة الإسلامية؟ طيب أليست فلسطين بقدسها وأقصاها وحضارتها الإسلامية العريقة هي امتداد أيضا للأمة الإسلامية؟ هل تم اختصار كل الإرث الحضاري الإسلامي في فلسطين، وشطبه وإحلال اللغة العربية فقط مكانه ليقال إن فلسطين قضية عربية *فحسب*؟

لكن هذا غير مستغرب من شخص علماني لا-إسلامي يهدف لإسقاط الإسلام ودوره في اللعبة، للتقليل من شأنه  ومنزلته وأهميته في هذا الصراع وفي حياتنا العامة والخاصة.

وما يقدمه د. بشارة لاحقا في المقال إثبات على ادعائنا بشأن توجهه اللا-إسلامي هذا. يقول:

النضال الوطني الفلسطيني هو نتاج صراع بين السكان الأصليين العرب في فلسطين وحركة استعمارية استيطانية عرّفت وتعرف نفسها بأنها حركة قومية،

لكي ينفي أهمية العامل الديني في الصراع، يدعي أن الصراع هو بين السكان لاصليين العرب في فلسطين، وبين حركة قومية.. فهل اليهودية قومية أم دين؟ وما أصدق على يهودية الدولة من تعديل قانون المواطنة الذي يجري بحثه في الحكومة حاليا، والذي سيلزم كل من سيحصل على المواطنة بأن يقسم “الولاء لدولة إسرائيل اليهودية”؟

ثم هل وقع الاحتلال على فلسطين تحديدا لمجرد أن أهلها يتكلمون العربية، وقد كان يمكن احتلال المغرب او البحرين أو تونس.. أم أن السبب هو القدس، ومكانة فلسطين الدينية ، سبب ديني خالص؟

وكيف يفسر بشارة ما قامت به تركيا وشعبها مؤخرا لأجل فلسطين؟ الاتراك ليسو عربا ودولتهم ليست عربية وحضارتهم وثقافتهم غير عربية بالمرة..  ولا يشتركون مع شعب فلسطين إلا بسمة واحدة هي الإسلام والانتماء الإسلامي… وقد ضحوا بأرواحهم في ظل تخاذل وصمت بل وخيانة كل القوميين والليبراليين العرب.. فكيف يفسر أبو العلمانية هذا الأمر؟ ولماذا يصر على التنكر للعنصر الإسلامي في القضية،  ويتنكر لحقيقة أن المقاومة والنضال الوحيد الحقيقي على الساحة الفلسطينية اليوم هو النضال الإسلامي؟

3- يقول د. بشارة:

في ظل الوطنية قد ننقسم إلى ديمقراطيين وليبراليين وأصوليين

واضح ان حزب د. بشارة هو الديمقراطيين الليبراليون.. فمن هم الأصوليون؟ إنهم الإسلاميون.. وكلمة أصولي هي ترجمة لكلمة Fundamentalist وهي كلمة مرادفة للتعصب والتطرف، فهل انتم متنورون ونحن المتعصبون الإرهابيون يا حضرة الدكتور؟ كان بإمكانك ان تقول “إسلاميون”فهل أسقطتها هنا أيضا لنفس الغاية المريضة في طمس أهمية عامل الإسلام ودوره في الصراع الدائر؟

4- يقول د. بشارة:

لا يمكن أن تكون مؤمنا بالحرية والعدالة الاجتماعية، ولا يمكن أن تكون وطنيا من دون أن تتخذ موقفا بين المقاومة والتعاون مع الاحتلال

وسؤالي لك يا دكتور -وأنت الذي نفيت نفسك من الوطن وهجرته عند أول مواجهة كان يمكن أن تناضل خلالها وتصمد- هل يمكن أن تناضل وتقاوم الاحتلال من خارج وطنك المحتل؟

إن كان يمكن أن أحقن عنزة جاري بالدواء كي تشفى عنزتي.. سوف يكون من الممكن ان تقاوم الاحتلال بالريموت كونترول يا دكتور.

11 تعليقات

  1. كيف بدو يرضي اسيادو

    بحبش السياسة لاجلوا ولاجل امثالو

  2. ليش شو كنت تتوقع يا اخ الراصد

  3. “هل يقصد د. بشارة ان تكون دولة يهودية اسرائيلية فيها يعيش “المواطنون” عربا ويهودا، فلسطينيين وصهاينة، في ديمقراطية ومساواة؟ ليس من احتمال آخر يحمله ذاك النص…
    هل لاحظتم انعدام المقال الطويل جدا لأي إشارة للأمة الإسلامية؟ طيب أليست فلسطين بقدسها وأقصاها وحضارتها الإسلامية العريقة هي امتداد أيضا للأمة الإسلامية؟ هل تم اختصار كل الإرث الحضاري الإسلامي في فلسطين، وشطبه وإحلال اللغة العربية فقط مكانه ليقال إن فلسطين قضية عربية *فحسب*؟ ”

    أخي الكريم عزمي بشارة ذو جذور اشتراكية وشيوعية، والشيوعية كانت تنادي بكل صراحة في الأربعينيات بدعم قيام دولة إسرائيل ومؤاخاة جماهير العرب واليهود تحت الراية الإشتراكية، وهذا الكلام الجديد هو تحديث لنفس الشعارت الشيوعية القديمة

  4. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

    تحياي اخي معاذ

    صراحة .. لا أنكر على الدكتور بشارة عبقريته في تمييع وتهميش المصطالحات تحت مسمى الوطنية ,, هذا اسلوب فذ بان نمنطق العبارات تحت هذه المسميات ,, ونحن للاسف نؤمن باسلوب الكاتب وكيفية عرضه للمراد ونتناسى المضمون .. وهذا شيئ يبعث على التذمر .. بالنسبة لي ..

    كلي ثقة اننا بايماننا واجتهادنا سوف نحرر على المغالطات ونضعها في محلها .. لكن علينا العمل والاجتهاد ..

    واخيرا .. أشكرك اخي على عرضك المميز .

    دمت مبدعا :)

  5. تسلم يا ابو كمال , انا من زمان لا اثق بهذا الشخص , والجزيره تقوم بتشويه سمعتها لاستضافته دائما , وتسميته بالمفكر العربي , وكما قال زكريا ابو يحيى هو ليس بمفكر عربي ولا يقبل النزال الشخصي في المحاوره , ولا يقبل ان ينتقده احد .

  6. جااااامد ..يستحق القراءة والنشر … بارك الله فيك

ما رأيك بما قلتُه؟ أسعدني برأيك !!