ذكرياتي الجامعية عن طلاب اللغة الإنجليزية والبريستيج المرموق

لما كنت في الجامعة، كان يُنظر لطلاّب كليّة اللغة الانجليزية على أنهم أصحاب البريستيج الأعلى من بين طلاب باقي الأقسام. الرياضيات، الإحصاء، التدريس، وعلم الاجتماع كلها كانت أقسام “أي كلام”.. اما من يُعرف أنه طالب لغة انجليزية فكان عادة مُحاطاً بهالة من القدسية والتبجيل نظراً لأن الانجليزية كانت تُعتبر الموضوع الأصعب في مدارسنا العربيّة. أو على الأقل هكذا شعرت .
أذكر أن طلاب الانجليزية من مدينة الناصرة كانوا يرطنون بالإنجليزية متفاخرين في حافلة العفيفي 333 خلال السفر من وإلى الجامعة . فعبارات مثل “إكزاكطلي” و “أوف كورص ” (هكذا بلفظ هو أقرب للأذربيجانية منه إلى الانجليزية) كانت تتكرر في الجمل العربية التي كانوا يتبادلونها، كنت أسترق الاستماع لها وأنا قابع في المقعد الخلفي المخصص لأبناء القرى (sub-economy class الذي تُشعرك الهزّات والارتطامات فيه وكأنك لست في حافلة حديثة بل في عربة يجرها بغلٌ ضرب على *****) . أما أنا فلم أكن أجرؤ على التكلّم بها، رغم كوني من أفضلهم، لأن الانجليزية كان يُنظر لها على أنها لغة عليّة القوم من أبناء المدن، لا لغة أبناء الفلاحين الجلفين من أمثالي.
اكتشفت مرّة بالصدفة، أن أحد الطلاب كان يتعمّد النزول من المصعد في الطابق 16 في برج “أشكول” في جامعة حيفا (الذي يوجد فيه قسم اللغة الانجليزية) ليوهم محبوبته أنه يدرس الانجليزية، وحين كانت تنزل هي في الطابق التالي، كان يعود وينزل سيراً على الأقدام إلى الطابق 12 حيث يتواجد قسم “دراسات متعددة المجالات לימודים רב תחומיים” ، وهو الموضوع الذي كان يُقبل له من لا يُقبل لأي موضوع آخر
الحياة الجامعية فيها ذكريات رائعة، منها أننا طلاب اللغة الانجليزية كنا نسير مرفوعي الرأس بزهو وخُيلاء ، إلا إذا قابلنا أحد طلاب قسم اللغة الفرنسية
كبرياء الانجليزية والفرنسية … هل هو الحنين للسيّد ال “سير Sir” أو ال “مسيو Monsieur”، وتاريخ عربي حافل بالاستعمار لا زال يسري في جيناتنا؟
رُبّما

ما رأيك بما قلتُه؟ أسعدني برأيك !!