مشاهدات من مهرجان ذكرى يوم الأرض… “الوحدوي” (!!)

ترددت اليوم كثيراً في المشاركة في مهرجان إحياء ذكرى يوم الأرض الذي أقيم بالتنسيق بين كل الأحزاب العربية الفاعلة في الساحة العربية الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 48. السبب هو أني أعلم أن مثل هذه النشاطات “الوحدوية” لا تنتهي بشعور يتلخص ب “الحمد لله”.. بل بشعور لسان حال صاحبه هو “الحمد لله انه اليوم مرق على خير”. كما أني لا زلت متعباً بعد الجهود التي قدمتها مع أبناء الحركة الإسلامية في المعسكر التطوّعي الذي نفذناه بالأمس في قرى ومدن النّقب. لكن في آخر لحظة قررت المشاركة، وما تلي هي تفاصيل وأحداث كنت شخصياً شاهداً عليها ورأيتها بأم عيني.

المسيرة قبل المهرجان

في قرية عرّابة الجليلية أقيمت اليوم فعاليات إحياء ذكرى يوم الأرض. كالعادة، قامت الشبيبة الشيوعية بتنظيم مسيرة منفردة ولم تنضم للمظاهرة الوحدوية، وهتفت فرقة كشافتها بتحيّة “شبيبة شيوعية”.
هذا اسمه تمزيق الصفّ.

خلال المسيرة باتجاه الساحة التي سيعقد فيها المهرجان، سارت قريباً مني امرأة في الخمسينات، وسمعتها تقول لامرأتين برفقتها: “شو يعني هاي القيادات المتسلقة مين قال انها لازم تمشي من قدام!”.
بعد قليل رأيتها تُباطح وتصل للصف الأول، وتمشي في صفّ جديد أمام كل القيادات الموجودة. حاولت تفسير فعلها ولم أفلح. أهي إحدى النسويات المريضات بالرجالوفوبيا؟

في نفس المقطع القصير، ثلاث فتيات في أوائل العشرينات سِرن في المسيرة. لسبب لا أفهمه، قُمن فجأة بدحش أنفسهن بين كتلة من الشباب. بعد مضيّ 3 أو 4 دقائق، ارتفع صوت إحداهن في تذمّر بادٍ وجهته لأحد الشباب “تصيبنيش وتمدش إيدك عليّ”.

طيب هو كلب، وانت لويش دحشتي حالك بين جرزايتو وفلينتو؟

الصورة للتوضيح فقط (مع أنها مأخوذة من المسيرة فعلاً)

الشبّيحة

كالعادة، وفي كل مناسبة وطنية وحدوية (على الأقل نظرياً)، تظهر حفنة من الشبيحة يقوم أفرادها برفع أعلام نظام بشّار الأسد، رغم وجود اتفاق صريح بين كل الأحزاب على وجوب عدم فعل ذلك. رفع أعلام بشار الأسد في ظل الانقسام الفلسطيني الحاد حول الثورة ونظام الإجرام، نتيجته الحتمية كما يعلم الجميع، وكما حدث سابقاً، هي نشوب مشاكل قد تنتهي بالعنف الجسدي بين الشرائح الحزبية المؤيدة للثورة من جهة والمؤيدة لبشار الأسد من جهة أخرى. ورغم كل ذلك، تصرّ هذه الشريحة على استفزاز الجميع وخرق الاتفاق وإثارة البلبلة، حيث قام أفراد اليوم بالتسلل إلى وسط المهرجان ورفعوا أعلام نظام بشّار الأسد ومنهم من رفع صور بشّار نفسه.

شبيحة

عريف المهرجان طالب بحرقة وبصوتٍ يكاد يصل الصراخ، أن يتم إنزال كل الأعلام والشعارات إلا أعلام فلسطين وشعارات ذكرى يوم الأرض. مرّة ومرّة ومرّة، تجاهلوا نداءاته وضربوا بعرض الحائط المصلحة الشعبية وهذه الذكرى التي إن تعلمنا منها شيئاً فهو أهمية أن نكون على قلب رجل واحد، لكن يبدو أننا لم نتعلّم.

واصلوا رفع أعلام نظام بشار وعلا الصراخ وبدأت مشاحنات كلامية بينهم وبين سائر الجماهير تطالبهم بإنزال الإعلام حفاظا على وحدة الصف، لكنهم ببساطة “طنّشوا”. وقفت الجماهير على أطراف أصابعها، بين مغتاظ من هذا الاستفزاز ومتخوّف مما قد يؤول إليه، خاصة وأن المهرجان لا زال في بدايته.

أخيراً، وبعد أن فشلت كل وسائل التفاهم والحوار والإقناع ووقعت مناشدة القيادات بإنزال الأعلام على صخور صمّاء، قامت مجموعة من الشباب الشرفاء من أبناء عرّابة بالتوجّه لتلك المجموعة من المرتزقة، وسحبت منها الأعلام وأنزلتها بالقوة، وبعدها تفرفطت المجموعة وأتّخذ كل صرصور فيها زاوية ومارس تشبيحه بشكل فردي.

رأيت بأم عيني السيد محمد بركة يصرخ موبخاً أحد المنظمين، مستنكراً إجبار الشبيحة على إنزال أعلام نظام بشار وإصرار عريف المهرجان على ذلك، رغم المعمعة والفوضى واقتراب الوضع من الانفجار لولا أن تم إنزال الأعلام.

لا أعرف أي درس يمكن أن نتعلّم من كل هذا.  لكني متأكد من أن من يفعل فعلاً مثل هذا من شأنه إفساد مناسبة وطنية فلسطينية وحدوية، هو نذل وعميل للشاباك.

قيادات الصفّ الأول

من المتعارف عليه أن الصف الأول من المقاعد يتم حجزه لقيادات الأحزاب السياسية أو شخصيات محليّة بارزة مثل رئيس مجلس البلد المضيف للحفل. ولذلك لا أفهم قيام بعض الشخصيات التي لا تشغل أي مركز قيادي في هيئة أو حزب، ولا تتبوأ أي منصب محلّي أو قطري، بل هي بالكاد تمثّل نفسها، بالمسارعة للجلوس في الصف الأول وترك عدد من القيادات المحليّة والقطرية واقفة !

الصورة للتوضيح فقط، وقد تكون أو لا تكون علاقة بين المكتوب وبين الشخصيات الظاهرة فيها.

الأمر يكون محرجاً جدا للمنظمين، فكيف سيطلبون من شخص مسنّ مثلاً بأن يترك المقعد لأحد أعضاء الكنيست مثلاً (مع اختلافي القطعي على التمثيل في الكنيست)، مع أن الشخص المسنّ إياه بصراحة لا يستحق الجلوس في ذاك المقعد (مع احترامي للجميع).

جاء د. باسل غطّاس عضو الكنيست عن التجمّع، متأخراً. يستحق بحكم مركزه أن يكون في الصف الأول. لكن أحداً من الأشخاص غير القياديين الجالسين في الصف الأول لم يخلي له مكانه. الأمر كان محرجاً جداً، خاصة وأن كل المقاعد في الصفوف التالية كانت مشغولة. لكن من أنقذ الموقف هو السيّد نسيم بدارنة، الرئيس السابق لجمعيّة اقرأ التابعة للحركة الإسلامية، وعضو اللجنة الشعبية في قرية عرّابة المضيفة للمهرجان، حين قام ودعا السيد غطّاس للجلوس مكانه.

الإعلامية المخضرمـ(ـنـ)ـة

“إعلامية شهيرة” كانت جالسة بين الحضور، لكنها طوال المهرجان كانت تدردش وتضحك مع زميلة لها وتشير للطالع والنازل بصورة ساخرة، حافلة بالاستخفاف بمأساوية الذكرى وحجم الحدث، وبالمتكلمين الذين ألقوا كلماتهم على مسامع الجمهور. لو فتحتم فيسبوكها اليوم لوجدتموها تشكو من استخفاف الناس بذكرى يوم الأرض.

رئيس المجلس

السيد علي عاصلة رئيس مجلس عرّابة ألقى كلمة البلد المضيف. كلمته كانت طويلة نوعاً ما، كان يجب تقصيرها. وقد تضمّنت الكثير من الآيات القرآنية التي تشيد بمنزلة الشهداء، وتحض على الدفاع عن الأرض والوطن. في كل مرّة كان يتلو فيها السيد عاصلة آية قرآنية أو حديثاً نبوياً، كنت أنظر في وجوه قيادات الجبهة في الصف الأول: عفو اغبارية، محمد بركة، رامز جرايسي، وغيرهم، كانوا يتهامسون والعبوس بادٍ في وجوههم، وحواجبهم مقطبة والاكفهرار يطغى على سحناتهم.

اسألوهم هم عن السبب.

علي عاصلة

“الشاب بحد الصبيّة” صار شعار old fashion كثير

إحدى الفتيات (وقد أسبلت الكوفية الفلسطينية على أكتافها) جاءت متأخرة وكانت المقاعد ممتلئة، لم تجد مكانا تجلس فيه، لكنها وجدت اثنين من رفاق نضالها في الحزب جالسين على مقعدين بجانب بعضهما. قاما بدعوتها، فلم تفشّلهما، وجلست على فخذ رفيقها اليمين، والفخذ اليسار لرفيقها الآخر. الأمر كان صارخاً أكثر من أن يُمكن عدم الانتباه له. ويبدو أن الشعار تمت ترقيته من “الشاب بحد الصبيّة” إلى “الصبية بحضن الشباب”.

تحيّة رفاقية.

يوم الأرض الجاي ، بدال رؤية هاي الوجوه المشوّهة، بدي أروح أتفعفل في تراب لوبية أحسنلي.

9 تعليقات

  1. أخ معاذ لا فض فوك ولا عاش حاسدوك ورحم الله امك و أبوك كلام لا غبار عليه
    أعجبتني كلمة رجالوفوبيا , و مخضرمـ(ن)ـة
    و أما بالنسبة للحضرات اللذين لم يعجبهم كلام الله فالله كفيل بهم
    “وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ ۖ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۗ قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكُمُ ۗ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ”

  2. مقال مقرف ، كالذي يذهب لرحله ويبحث فقط عن السلبيات . تجاهلت كل الإيجابيات في هذا اليوم، وتفشت عن ملاحظات هامشية وتصرفات فرديه لهذا وذاك . … وعلى فكره هذا العلم اسمه علم سوريا وليس علم بشار الأسد ، نفس العلم الذي كان يرفعه إخوانكم في حماس على مدار السنين . وما زال وسيبقى علم الجمهورية العربيه السورية المعترف به رسميا ودوليا.

  3. سيّد إيهاب تحيّة عطرة تفوح من بين ثناياها روائح الحقد الدفين الذي يبدو واضحًا على حروفك، ان تصف مقالا بالمقرف هذا ليس ادبًا وليس نقدًا لا بناءً ولا هدامًا، انما هو جعجعة بغير مكانها، وصوت نكرة لا مكان له في فضاء فلسطين، بما يتعلق بالسلبيات والبحث عنها، يا سيدي نحن نفترض ان الامر يجب ان يسير على نحو ايجابي، ومن غير المتوقع ان اذهب الى مناسبة وطنية ابحث فيها عن النقاط الايجابية، لانني افترض انها ايجابية بالفعل ولذلك نشارك فيها، ثم ان وظيفة الناقد هو الوقوف على التفاصيل التي يرى ان من مشأنها ان تؤثر سلبًا على المسيرة الوطنية، نتلكم هي وظيفة النقد وهي التصحيح، فلو سكت الاخ معاذ او غيره عن مثل هذه التفاصيل التي تعلم انت ونعلم نحن انها مثل الاعشاب الضارة التي ان لم تقتلعها لا بد ستقتلعك سنصبح ذات يوم من الخاسرين، وهذا ما ظهر في الاونة الاخيرة وخاصة بعد الثورة السورية حيث تشتت شمل الشعب، وبات كل حزب يغني على ليلاه، بما يتعلق بحركة المقاومة الاسلامية حماس، حتى انت وقادتك والعالم اجمع كان يحلف باسمها بل ويقدس مقاوميها وقادتها، فما بالكم تغيرتم اليوم، فقط ببساطة لانها رفضت قمع الشعب وابادته تحت راية القومية والبعثية والكلام الفاضي، علم سوريا رفعته حماس التي رفعت كل رايات الامة العربية الاسلامية، ولم تنكر الحركة تلقيها الدعم من الاسد، وهذا ما جعلنا نقدرها ونحترمها، فالاسد لم يشتر مواقف الحركة كما اشترى مواقف حزب الله اللبناني، واتضح لنا ان حماس الفلسطينية لم ترهن الوطن لاي قوة خارجية، وهذا ما يدعونا للاطمئنان عندما نرى حماس الان تقيم علاقات مع دول عربية اخرى او غير عربية….
    وفي الختام سيبقى علم الجمهورية السورية مرفوعا كما قلت رسميا في كل مكان، وانا اؤيد ذلك، لكنه ذلك العلم الطاهر غير المدنس برائحة الاسد الكريهة وحزبه الطائفي، علم سوريا الذي سيغدو يومًا علمًا لكل حر في هذا الكون…
    وسلام عليك

  4. محمد ف عاصله

    الحمد لله رب العالمين ، انا بطلت الدخان من ١٨ سنه ، وبطلت اشترك بالمهرجان من ٣٧ سنه

  5. أميرة عابد

    رائع وأكثر .. أسلوباً ومضموناً

  6. “قامت مجموعة من الشباب الشرفاء من أبناء عرّابة بالتوجّه لتلك المجموعة من المرتزقة، وسحبت منها الأعلام وأنزلتها بالقوة، وبعدها تفرفطت المجموعة وأتّخذ كل صرصور فيها زاوية ومارس تشبيحه بشكل فردي.”

    هاي لغة ؟

  7. الشبيحة شكلهم واثقين من انفسهم من خلال هيئتهم وكانو في اتفاق مع اطراف من هون …. “خير امة” هههه

  8. ايات قرانية تغيظ قيادات الجبهة (حسب أقوالك) , فيما جلوس الفتاة “بحضن” الشاب يغيظك كما وإختلاط الفتيان بالشبان كذلك ..
    رفع “الشبيحة” للأعلام السورية يغيظك , والمطالبة بإنزالها يثير محمد بركة ..
    إذن نحن على خلاف – خلافات سياسية , اجتماعية (فيما يتعلق بالتصرفات) ..
    فإما أن نعمل على تقبل أحدنا الآخر وإلا فإنه سرعان ما تتطور هذه الخلافات لمرحلة تفسخ , انتظرت أن أجد ما تراه مناسباً لحل هذه الإشكاليات , ولكني سرعان ما أيقنت أن هدفك ليس أكثر من ذكر بعض النقاط كرؤوس أقلام تلخص اليوم الوطني ..
    الآن إسمح لي بسؤال صغير – قمت في مقالك بانتقاد ما تعارضه وتبغضه .. وهذا حقك , بل خطوة جميلة منك ..
    ماذا لو كان الأمر عكسي , فقام مثلاً أحد “المغتاظين” من الجبهة بانتقاد تلاوة القرآن بدعوى مثلاً أنها مناسبة وطنية وليست دينية وأن من الحضور غير المسلمين ؟ وهو موازي تماماً لرفضكم رفع علم سوريا كونها في غير محلها فهذه ليست مظاهرة تأييد نظام !
    ماذا لو انتقد أحد هؤلاء ال”Fashion” عادات النساء المحافظات , تجنبهم الرجال , لباسهم الطويل المعيق للحركة , حجابهم الذي ملأهم بالعرق والرائحة الكريهة أثناء المسيرة ؟؟!
    هل يحق له ذلك من باب “إبداء الرأي” أم أن الأمر حكر عليكم ؟
    فهم لديهم حججهم واراءهم مقابل تلك التي تعرضها حضرتك !!

  9. مقال غير مهني وحاقد، به قذف وتشهير… لو كنت بمكان الإعلامية المخضرم(ن)ة كنت قاضيتكم!

ما رأيك بما قلتُه؟ أسعدني برأيك !!