حذر تقرير دولي من أن العالم يقترب من أزمة "ائتمان بيئية" تتجاوز بكثير الأزمة المالية الراهنة، مبررا ذلك باستخدام البشر المفرط للموارد الطبيعية لكوكب الأرض.
وأوضح التقرير، الذي أعده "الصندوق العالمي لحماية الحياة البرية" (منظمة مستقلة)، أن البشر يستهلكون نحو 30% من الموارد الطبيعية، بما يفوق قدرة الأرض على تجديد مواردها سنويا، بحسب ما نقلته صحيفة "ذا جارديان" البريطانية في عددها الصادر اليوم الأربعاء.
نتيجة لهذا الاستخدام المفرط فإن الكرة الأرضية تواجه مخاطر التصحر واستنزاف التربة وتلوث الهواء والمياه وتناقصا خطيرا في أعداد الكائنات البحرية وأنواع أخرى من الكائنات الحية على وجه الأرض .
وبناء على تلك النتائج والأرقام فإن هناك "ديونا بيئية" تتراكم بقيمة ما بين 4 إلى 4.5 تريليونات دولار أمريكي سنويا، وهو ما يعادل ضعف الخسائر التي تكبدتها المؤسسات المالية جراء الأزمة المالية التي تجتاح أسواق المال عبر العالم.
ولا تتوقف المشكلة عند هذا الحد، بل تزداد سوءا نتيجة استمرار النمو السكاني، وما يتبعه من نمو استهلاكي، في وقت تعجز فيه التكنولوجيا عن إيجاد سبل جديدة تتيح استفادة أفضل من الموارد الطبيعية.
كوكب واحد لا يكفي
وحذر التقرير، الذي يصدر كل عامين تحت عنوان "الكوكب الحي"، من أنه بحلول عام 2030، وفي ظل بقاء الحال كما هو عليه، فإن البشرية ستحتاج إلى موارد كوكبين حتى تستطيع الاستجابة لمتطلبات الحياة.
وجاء في التقرير: "نحن نمتلك كوكبا واحدا، هذا الكوكب به كثير من الموارد التي تساعدنا على المعيشة، لكنها محدودة.. ما الذي يحدث إذا كان هناك طلب متزايد على تلك الموارد؟ إننا إذن نستنفد قوى نظام كوكبنا.. هناك حقا تهديد للكائنات الحية".
وصرح جيمس ليب، المدير العام لـ"الصندوق العالمي لحماية الحياة البرية"، في واشنطن بأنه "في مدة 20 عاما تقريبا تجاوزنا قدرة كوكب الأرض على مساندة نمطنا الاستهلاكي.. البشر يحولون الموارد إلى مخلفات بسرعة أكبر من قدرة الطبيعة على إعادة تدوير تلك المخلفات".
على خطى الأزمة المالية
ودعا معدو التقرير زعماء العالم إلى التكاتف لمواجهة هذه المشلكة مثلما تحظى الأزمة المالية العالمية بتكاتف الجميع للخروج منها.
وقال إميكا آناوكي، رئيس "الصندوق العالمي لحماية الحياة البرية": "على الجهود أن تمتد في شكل تعاوني للعمل على إنقاذ كل مخلوق على كوكب الأرض".
ويرى ديفيد كينج، المستشار العلمي السابق للحكومة البريطانية، أنه "علينا أولا أن نتفق على وجود سوء فهم بشأن الأزمة.. حيث إننا نستهلك موارد الطبيعة بمعدل سريع للغاية ربما يتجاوز في سرعته ما حدث في عصر أكبر فناء على الكوكب".
وفي تقرير "الكوكب الحي" لعام 2006 جاء التحذير من بداية سادس أكبر فناء للأنواع في تاريخ الأرض، وكان آخر فناء في عصر الديناصورات التي اختفت قبل 130 مليون عام.
وبحسب المنظمة فإن استهلاك سكان الأرض بدأ يتجاوز منذ ثمانينيات القرن الماضي قدرة الكوكب على تجديد موارده، كما أنه تضاعف ثلاث مرات بين 1961 و2003.
وذكر التقرير أن التأثير البيئي لاستخدام أنواع "الوقود الحفري" هو أسرع عوامل الضغط على الموارد الطبيعية، حيث إن الغازات المنبعثة من إحراق الوقود الحفري مسئولة عن ظاهرة الاحتباس الحراري المتسببة في ارتفاع درجات حرارة الأرض.
وأضاف أن "هناك أمورا كثيرة ستتوقف على القرارات التي تتخذها الصين والهند ودول أخرى سريعة النمو"، بجانب الولايات المتحدة والدول التي شهدت نموا ملحوظا في عدد سكانها.
المياه أيضا
وللمرة الأولى يتحدث تقرير "الكوكب الحي" عن المياه، بعد أن كان يقتصر على قائمة ترصد 1600 نوع من الفقاريات، منها طيور وأسماك وحيوانات برمائية وزواحف وثدييات.
ويهتم التقرير بتأثير النشاط الإنساني على تلك الأنواع ومتابعة تكاثرها وظروف معيشتها. ويحتسب "الصندوق الدولي لحماية الحياة البرية" الأثر البيئي للسكان عبر تقييم المساحة المنتجة اللازمة لتلبية استهلاك هؤلاء السكان من الموارد، وأيضا لاستيعاب النفايات.
وأفاد التقرير بأن 50 دولة على مستوى العالم تعاني من نقص المياه في بعض فترات العام بشكل دائم، كما أن هناك 27 دولة تستورد أكثر من نصف المياه التي تستهلكها لإنتاج سلع من زراعات القمح والقطن، مثل المملكة المتحدة والنرويج وهولندا وسويسرا والنمسا.
وأرجع ذلك إلى زيادة التأثير البيئي للإنسان أكثر من ثلاثة أمثال بين عامي 1961 و2003، كما أن معدل الاستهلاك فاق الزيادة في عدد سكان العالم من ثلاثة مليارات نسمة عام 1960 إلى 6.5 مليارات نسمة حاليا، وتشير توقعات الأمم المتحدة إلى أن عدد السكان سيرتفع إلى تسعة مليارات نسمة قبيل عام 2050. وتم تأسيس "الصندوق العالمي لحياة الحياة البرية" عام 1961 بهدف الحفاظ على البيئة، ولديه مكاتب في أكثر من 90 بلدا.
اسلام اون لاين-نت