حياتنا صارت كلها مفارقات. بالأمس ذهب النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي السيد محمد بركة إلى اوشفيتس وفيها أحيا ذكرى المحرقة – ما يقال إنه قد فـُعل باليهود الأوروبيين من قبل القوات النازية. ولا أدري هل ذهب بركة إلى هناك كي يقوم بـ “التضامن مع الضحايا” كما جاء في بيانه، أما للاحتفاء بـ “تحرير معسكر اوشفيتش على يد الجيش الأحمر السوفييتي” كما جاء في نفس البيان؟
ليس هذا هو المهم. المهم هو ما حصل بعد شهر واحد من مشاركة بركة في إحياء هذه “المحرقة” التي كانت مزاعم حصولها سببا مباشرا من أسباب نكبة شعبنا الفلسطيني وقتل وتهجير عشرات الآلاف من أبنائه. فما حدث هو أن محمد بركة قد عقد العزم على دخول غزة للمشاركة في احتفالات الذكرى الثامنة والعشرين لإعادة تأسيس حزب الشعب الذي يعرف نفسه بـ “حزب فلسطيني وطني ديمقراطي يساري اشتراكي”.
وقد جاء في بيانه، أن السيد بركة قد أراد “الدخول إلى قطاع غزة… وذلك للتضامن مع القطاع في وجه الحصار التجويعي الإجرامي المفروض على القطاع منذ سنوات”، وبعد ذلك يقول “والمشاركة في مهرجان حزب الشعب الفلسطيني، بمناسبة الذكرى الـ- 28 لتأسيسه”. ولا أدري
(نعم.. هنا أيضا)، ما هو السبب الحقيقي للزيارة.. هل هو للتضامن مع القطاع كما قال، أم للمشاركة في مهرجان حزب الشعب الاشتراكي؟
(لاحظوا.. سيتضامن مع القطاع.. يعني رح يتضامن مع المساحة الجغرافية ، مش مع الناس والأحياء الي في القطاع.. صحيح هم ارهابيين وظلاميين)
الجواب واضح وهو في البيان نفسه حيث يقول “في وجه الحصار التجويعي والاجرامي المفروض على القطاع منذ سنوات” يعني الحصار صارله سنوات وما فطن بركة يتضامن مع “القطاع” غير أسه.. وقت الذكرى الثامنة والعشرين لإعادة تأسيس الحزب الشيوعي الاشتراكي في غزة !؟
إلمهم… يذهب بركة إلى اوشفيتس فيرحب فيه بين الوفد الذي يمثل صفوة الصهيونية ورأس الشر العالمي، البرلمان الإسرائيلي، وهناك يقوم بإحياء المحرقة.. وحين يعود ينوي دخول غزة، فيمنعه رفاق الأمس في اوشفيتس من الدخول… يدعى للتضامن مع ضحايا النازية فيهرول مسرورا، لكن رفاقه من ضحايا النازية أنفسهم يمنعونه اليوم من التضامن مع ضحايا الصهيونية أبناء شعبه… ألا فليبارك الرب جهودك في “التصدي للجرائم ضد الإنسانية” يا أخا العرب.