باسمك اللهم
بالأمس وفي طريقي إلى العمل، استمعت كعادتي لراديو “أمواج الجيش” –גלי צה’’ל”، وهي إذاعة تتبع للجيش الإسرائيلي، لكنها عامة، لا تناقش فقط أمور الجيش. الساعة التاسعة من كل يوم يبث برنامج ربما هو الأكثر شعبية، اسمه “מה בוער” أي “ما الذي يشتعل”، بمعنى، ما الأخبار الحارة على الساحة.
ولا شك أن منكم من قرأ عن قيام قطيع من المستوطنين باختراق مدينة أريحا أمس الإثنين، في محاولة لدخول أحد الكـُنـُس اليهودية القديمة هناك، علما أن أريحا واقعة ضمن المنطقة A ، أي الاراضي الفلسطينية التي تخضع أمنيا وإداريا للسلطة الفلسطينية، مقابل المنطقة B التي تخضع فقط إداريا للسلطة وأمنيا للجيش الإسرائيلي، والمنطقة C وهي التي تخضع إداريا وأمنيا لإسرائيل (مثل مواقع المستوطنات التي في قلب الضفة) – انظر الخريطة المرفقة التي تفصل توزيع المناطق.
وخلال التقرير يحاور مقدم البرنامج، الإعلامي اليهودي الشهير رازي بركائي (רזי ברכאי) أحد ضباط الأمن الإسرائيليين المسئولين عن قوات جيش الاحتلال في مناطق الضفة، ومن ضمنها أريحا.
ويسأله كيف كانت الأجواء، وهل تعرض هؤلاء المستوطنون لأي اعتداء أو محاولة اعتداء عليهم (من قبل الفلسطينيين طبعا يقصد)، وكيف كان التنسيق بين الشرطة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية (لرد تلك القطعان إلى بيوتها).
وقد أجابه ذلك الضابط أن التنسيق كان متميزا جدا، وأن الشرطة الفلسطينية تجاوبت وتفهمت الأمر بشكل كامل ، حيث أنها (كما قال) لم تقترب من المكان ولم تتعرض للمستوطنين، وبقيت خارج المنطقة بشكل كامل(!).
عندها سأله المقدم: ألم تخشو من وجود أحد من العناصر الأمنية قد يقدم على التعرض للمستوطنين ومهاجتمهم؟
الضابط الإسرائيلي: هذا مستبعد لأن هناك تنسيقا دائما بين الطرفين.
المذيع: أليست هذه هي القوات الأمنية الفلسطينية التي تتلقى تدريبها في الأردن، ضمن خطة الجنرال الأمريكي دايتون؟
الضابط: نعم هي.
المقدم: إذا يفترض أن هؤلاء الأفراد في الشرطة الفلسطينية يمرون من إسرائيل إلى الأردن.
الضابط: نعم، بالفعل.
المقدم: بناء على ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي مطلع على أسمائهم وهوياتهم وتفاصيلهم، وبالتالي فلا مشكلة من هذه الناحية.
الضابط: في الحقيقة، يتم اختيارهم من قبل السلطة الفلسطينية، لكن في النهاية، يتم الأمر بالتنسيق مع الجيش والمخابرات الاسرائيلية، وبالتالي فالجيش والمخابرات هي التي تملك القرار النهائي بخصوص من يمر ومن لا يمر.
ماذا يعني كل هذا؟ أولا، أن هذه السلطة هي سَلـَطة بكل معنى الكلمة، بل إن السَلـَطة ربما تمتلك شيئا من السيادة على المائدة، أما السلطة الفلسطينية فهي قميئة وهزيلة تفتقر لأدنى مقومات السيادة. فكيف يعقل أن تكون المنطقة بالكامل خاضعة للسلطة الفلسطينية أمنيا وإداريا، ومع ذلك لم تتحرك الشرطة الفلسطينية وتمنع هؤلاء من انتهاك سيادتها بإيقافهم والتحقيق معهم، وظلت شرطتها قابعة في جحورها كالفئران كما هي العادة، إلا إن تعلق الأمر بأحد الإرهابيين، فحينها هم الأسود؛ بينما رأينا عدة مرات أن فردا فلسطينيا واحدا، حاول عبور أحد الحواجز العسكرية بين مناطق الضفة والمناطق الإسرائيلية، وقد اطلق عليه الإسرائيليون الرصاص وقتل بدم بارد لمجرد الاشتباه به، مع أنه ربما يكون قد مر بالخطأ من المكان. وليس القصد أن على الشرطة الفلسطينية أن تتعرض للمستوطنين وتضربهم، لكنه تساؤل عن هذه السيادة المزعومة.
والأهم من ذلك، أن هذا ببساطة يعني أن رجال الشرطة الفلسطينيين يتم تدريبهم في الأردن، وأن كل من يترشح لأن يكون رجل شرطة عليه أن يتدرب في الأردن، وبالتالي فإن عليه المرور من إسرائيل. وهذا يعني أن كل رجل شرطة يجب أن توافق عليه إسرائيل أولا.
والسؤال هو، ما هي المواصفات المطلوب إسرائيليا أن تتوفر في رجل الشرطة الفلسطيني، والتي تجعله مرضيا عنه في نظر إسرائيل؟
المحصلة هي أن الشرطة الفلسطينية بمعظمها هي دمى تفصلها إسرائيل بناء على معايير مسبقة، لا شك لدي بأن أولها الخيانة.
هل أتيتكم بأي جديد؟
ربما الجديد هو أن هناك مركزا كاملا لتدريب أفراد أمن السلطة الفلسطينية في أريحا، تم افتتاحه وتمويله من قبل الولايات المتحدة، وقد افتتحه يومها رئيس الحكومة السابق سلام فياض بحضور كل من ديفيد جونسون مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لمكافحة المخدرات وتطبيق القانون الدولي والعميد محمد الرقاد مساعد مدير الأمن العام الأردني للعمليات والتدريب والدكتور صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات وكامل حميد محافظ أريحا والأغوار…
طيب هي القوات الي بخرجها المركز هذا بتعمل شو؟ الله اعلم انهم بتوظفوا في حركة ك.م.ذ – الكتائب المسلحة لمكافحة الذباب.