برز في الآونة الأخيرة الخلاف حول ما إذا كان “تويتر” أو “فيسبوك” وراء الثورة التونسية أو المصرية. ولا شك بأن ما دفع الشباب للنزول للشارع وتعرضهم للأذى والسجن بل وربما القتل، لم يكن الوسائل الإعلامية للقرن ال21 فحسب.
لكن هذا لا يعني أن الشبكات الإجتماعية لم تلعب دورا. الثورة والتغيير كانت ستحدث عاجلا أم آجلا، لكن الاعلام الاجتماعي ببساطة عجل قدومها، وذلك من خلال محاور ثلاثة:
1- تنظيم الاحتجاجات
قبل قيام الحكومة المصرية بحجب موقعي تويتير وفيسبوك، كانت التحضيرات والدعوات لللتظاهرات الكبرى في 25 يناير تتم من خلال هاتين الشبكتين، ولولاهما لكان قليل من الناس فقط هم من عرفوا بشأن المظاهرات وموعد الخروج فيه، وبالطبع حين عرف المشاركون في الشبكات الاجتماعية العدد الضخم الذي ينوي المشاركة في التظاهرات، زرع هذا الشجاعة في قلوب من كانوا مترددين في المشاركة. لولا هذه الأدوات لكان العدد قليلا جدا ولكان سهلا على الشرطة تفريق التظاهرات وقمعها، كما كان حال كل التظاهرات السابقة. أغلب الظن أننا كنا سنصحو في اليوم التالي على عنوان لخبر قصير عن مظاهرة كان عدد الشرطة فيها 10 اضعاف عدد المتظاهرين، انتهت باعتقال كل من برزوا من قادتها ومنظميها.
2- صناعة الرواية الإعلامية
معلوم أن من يملك السطوة والسيطرة على الرواية الرسمية سينتصر هو في النهاية. حين بدأت اعمال النهب والسلب خلال الاحتجاجات، كان يمكن ببساطة أن تشيع الحكومة أن هذه اعمال المحتجين، وأن تشدد الخناق عليهم بل وأن تجز بهم في السجون، وسيكون الأمر مبررا جدا.
لكن ما حصل هو قيام النشطاء الثوار بارسال عشرات الرسائل والمنشورات القصيرةعبر الفيسبوك وتويتر التي تفيد أنه تم القبض على كثير من اولئك المخربين ومن قاموا بأعمال فوضى وسلب ونهب، وتبينت حيازتهم لبطاقات الأمن المركي وأمن الدولة – المخابرات الداخلية. قد يكون هذا صحيحا وقد لا يكون كذلك، لكن المهم هو أن هذا آتى أكله، خاصة وأنه من المعلوم عن كثير من الأنظمة قيامها باستئجار اشخاص للقيام بأعمال تخريب ونهب لالصاق التهمة بالثوار، لتبرير ضربهم بعد ذلك.
وفعلا، فقد كذبت تلك الرسائل الفيسبوكية والتويترية الإشاعات الحكومية، وأكدت ذلك مدونة مصرية مقيمة في نيويورك في مقابلة مع الCNN. وقد ناشدت وسائل الإعلام عدم الانسياق وراء ما وصفته بأنه مؤامرة لنظام مبارك تستهدف تجريم المتظاهرين. لقد قالت “أنا ادعوكم لأن تستعملوا المفردات “ثورة”، “انتفاضة”، وانقلاب”، وليس “فوضى” و “اعمال شغب”. وقد استجابت الCNN فعلا وغيرت عناوينها من “فوضى في مصر” إلى “انتفاضة في مصر”.
3- الضغط على واشنطن
لقد وجدت واشنطن نفسها بين المطرقة والسندان في هذه الازمة، ففي مواقفها العامة تزعم أنها تنحاز للحريات ولحق الشعوب في تقرير مصيرها، لكن مصر واحدة من أقرب حلفائها في المنطقة، وقد تسبب الثورة المصرية إسقاطات أخرى تؤدي إلى عدم الاستقرار في المنطقة إن سقط مبارك.
لكن الكثير من المعلومات الخطيرة تسربت من الدولة، ليس عبر وسائل الاعلام فحسب بل أيضا عبر موقع الفيديو “يوتيوب” وطبعا من خلال “فيسبوك” و “تويتر”، وكلها كانت لصالح الاحتجاجات والحركة الثورية، مما اضطر واشنطن لتغيير موقفها. وقد كان هذا واضحا في تصريحات المسؤولين الامريكيين خلال الايام الماضية، الذين شرعوا في الحديث عن “انتقال هادئ للسلطة” و “نقل السلطات بشكل سلمي”، إلى آخره من التصريحات التي كانت في باطنها رسائل لمبارك تطالبه بالتنحي في أقرب وقت.
الموقف الامريكي كان له بكل تأكيد أثر على الموقف الدولي وخاصة الأوروبي. كان الضغط كبيرا على مبارك مما صعب احتمال أن يبقى على علاقة جيدة ويحظى بالدعم الاستراتيجي إن هو أصر على البقاء، ولذلك رأيناه يرفض في خطابه الضغوط الخارجية بالقول إنه لا يقبل تلك الضغوط وأن لا حق لأحد في التدخل في شؤون مصر الداخلية، وكأنه كان هو من يحكم مصر لوحده خلال كل سني حكمه التي طبعها القمع والاضطهاد والملاحقة السياسية ومصادرة حقوق المواطنين.
فهل فعلت الشبكات الاجتماعية كل هذا؟ بالطبع لا، فالثورة كانت ستحدث عاجلا أم آجلا. هل كانت الثورة لتتأخر أكثر لو أن فيسبوك، تويتر، ويوتيوب لم تكن موجودة؟ بكل تأكيد!
فيديو مقابلات مع محركي الثورة الالكترونية
مقالة كتبتها لشبكة نقطة
2 تعليقات
تعقيبات: هل كانت حقا الشبكات الاجتماعية وراء نجاح الثورة المصرية ؟
تعقيبات: هل كانت حقا الشبكات الاجتماعية وراء نجاح الثورة المصرية ؟