كانت الأجواء مشحونة. المسلّحون يجوبون شوارع المدينة وقد عانق كل منهم بندقية آلية وعلى ظهره جعبةٌ حَمَل فيه عددا من قذائف الآر بي جي. بل إن أحدهم جال في سيارته الرياضية وقد صدحت الموسيقى الحماسية الحربية منها، وقد علّق رشاشي M16 على كلا النافذتين. وأما المباني فقد حُوّلت لثكنات عسكرية تمترست فيها كتائب من القنّاصة. لسبب ما ذكّرني المشهد بباب التبانة وباب محسن.ما أشبه مدينتنا بلبنان.
كان الحديث يدور في المدينة أن النزاع هذه المرة سيطول كثيراً، وأن لا مفر من القتال. بل إني قابلت أحد أخوالي بجانب بيته وهو يُنزل حُزَم الحطب وجذوع الشجر من سيارة شحن وينقلها لداخل بيته: “الحرب هذه المرة ستطول يا خالي”، قال لي، وأربعة من اطفاله الصغار يتحلقون حوله غير واعين لما يدور حولهم.
ماذا يقصد؟ هل ستطول لدرجة أن لن يكون بمقدور المرء الخروج لجلب الحطب لينعم ببعض الدفء؟
كان الجو ميلودراماتيكيا جدا.
قررت أن اتجول في المدينة لأتلمّس الأجواء. كان الكل في حركة، كل شيء. لوهلة ظننت أن البيوت الصمّاء تزحف في محاولة للنأي بنفسها عن مسار القتال الذي كان قادماً لا محالة. سيارات شحن تغدو وتروح؛ تأتي فارغة وتروح وقد امتلأت بطونها بأغراض الناس وحاجياتهم ومؤنهم، وبالناس أنفسهم متربعين فوق كل ذلك. كان يتم شحن حياة كل فرد أمام عينيه، ونقلها بعيدا، وراء الشمس، حيث لا قتال.
امام بيت عمّي رأيت رهطاً من الناس يركضون بأسلوب رياضي، وشُدهت حين رأيت نساءً يركضن ومعهن اطفال بالكاد يقوون على الوقوف. منذ متى تحتاج النسوة لأن تركض في بلدنا العامرة؟ سألت عمّي.
قال هي الاستعدادات لضمان إخلاء سريع للأحياء السكنية في حال احتاج الأمر ذلك. لا يمكننا القتال وقلوبنا معلقة بعائلاتنا. لن يكون مفرّ من تهريبهم عبر الأنفاق.
قررت ساعتها أن أذهب للمطعم الذي نملكه في أعلى أعلى مبنىً في المدينة، دخلت المطعم وكان المشهد غير مألوف أبداً. المطعم اكتظّ وكان الزبائن ينتظرون في طابور طويل لحين مجيء دورهم. وأما القاعدون فكانوا يأكلون بِنَهَم شديد، وكأن تلك كانت لقمتهم الأخيرة قبل أن تدق طبول الحرب وتفتح ابواب جهنم.
وهناك رحت أصول وأجول بين الضيوف محاولا ان اخفف عن الضغط الواقع على النادلين. لفت انتباهي تذمّر احد الزبائن، كان يشير الى كأس الشاي التي قبض عليها بغضب حتى خشيت أن تتهشّم في يده. فهمت ان الشاي لم يعجبه، فاستوضحت الأمر منه وقدمت له اعتذارا بارداً وتوجهت لمطبخ المطعم لأبلّغ القهوجي عن شايه المشبوه.
دخلت وما إن هممت بالحديث إليه…
هنا رنّ هاتفي…
– ” معاذ، هل انت مستيقظ… ألو … ألو ؟ ”
– “نعم نعم يا اخي، آسف الآن استيقظت وساكون بانتظارك في الموعد”
نهضت وكانت الساعة العاشرة، صنعت كوب شاي غير مشبوه، وخرجت الى المدينة الخالية من المسلحين، ولم أر أحدا يدسّ حطبا للتدفئة تحت سرير نومه.
خاطرة جميلة، اعتقدت لوهلة ان الأمر حقيقة …..
الحقيقة، اشتقت لهكذا مقالات …. السياسة كثيرا تتعب الجميع ههه
My recent post الورقة التي أذهبت ماء الوجه
اخي عبد الحفيظ يشرفني دائما مرورك :)
salamu 3alaykum
where is the rest of the story?
Salam Suha :)
That’s the story in its entirety :)
Its unfair..I though you would post the rest later and then you say this is it..
i dislike open endings, possibly one of my flaws when appreciating literary pieces
nonetheless, this does not decrease the quality of this terrific literary piece
Suha, I urge you to re-read the last 2 paragraphs. I am sure you missed something
:D
u r right
i missed the ending where it turns out that you’ve been dreaming
let me ask you: dont you think its rather mundane to end such a robust beginning of a story by turning it into a dream.. just because you wanted to get it done with!!! somehow and psychologically IM NOT convinced that this story should end this way its unfair ..I mean ..the beginning is subtle, seizing …but the ending is neither seizing nor subtle
given the situation in Syria and all… I got carried away and felt as if this is only the first section of something ” whole” … anyway this is only what a reader like me might suggest which an author like you may not consider relevant
see, you write things and people read them and you never know what effect it leaves out there ( by “you” i refer to all of you creative writers) .. im not a critic so accept my novice criticism with some tolerance
Suha, you are overestimating me :)
That was really a dream :).. I just wrote down all that I saw in that dream, until I woke up :)
Nevertheless, I highly highly appreciate your constant feedback and interest in my posts :))