مواليد الثمانينات في بلادنا فلسطين (وأنا منهم) عاشوا العصر الذي فيه كان لا زال الحمار يلعب دوراً أساسياً في حياة الفلّاح الفلسطيني. لكن منذ ذلك الحين انحسر دور الحمار وأفل نجمه وقلّت شعبيته بسبب انتشار السيارات والآليات الزراعية، وظهور طبقة من البغال “المثقفة” التي حلّت محل الحمير وسدّت مكانها.
ومع انتهاء العقد الأول من الألفية الثالثة، أصبح وضع الحمار صعباً لدرجة أنه حتّى اسمه كاد
أن يختفي من المجلاّت ومن الحديث اليومي، بل حتّى من قواميس الشتائم التي فيها حلّت محلّ الشتيمة “حمار” شتائم أخرى أبلغ وأقذع وأسهل لفظاً وأعظم أثراً.
حتى جاء الربيع العربي بثورات شعوبه، وعادت صورة الحمار مركبة على أجساد الرؤساء العرب إلى الواجهة لتكتسب شعبية عارمة وصيتاً كبيراً، ولا سيما في المواقع والصفحات الفيسبوكية الفلسطينية، فعاد الحمار إلى مجده وعظمته، حتّى أن جسد “الأسد” مع رأس حمار أصبح يعكس مقدارًا أكبر بكثير من القوة والبأس والأنَفة، خاصة مع أشداقه المفتوحة وأوداجه المنفوخة.
وإذا كانت إمارة دبيّ عاصمة الكلاب (وهذه ليست شتيمة)، قد اشتهرت بمسابقات جمال الكلاب وبافتتاح أول فندق للكلاب فيها، فإن أمتنا العربية بأسرها قد اشتهرت بالحمار الذي ملأ قديماً القصص الشعبية والنكات والأقاصيص والطرائف، وحديثاً عجّت به المجلات ومواقع الانترنت، حتّى باتتت حمير العالم المتحضّر تحسد حميرنا وتتمنى أن تحظى بما تحظى به حميرنا من مجد وسموّ ورفعة وشُهرة.
لكن هيهات هيهات، فمهما فعلت أمم الغرب لأجل حميرها، لن تستطيع أن تنافس ما فعلناه
لأجل حميرنا، ولن تقدر على أن تقعدها على العروش وتنصّبها ملوكاً وأمراء تنظر وتقرر في مصير الأمم والشعوب، تسيل دون مُلكها دماء الشّعب، ويسجد لها الناس ويعظّمونها ويحلفون بأسمائها.
#أمّة_عربية_واحدة_ذات_حمير_خالدة.
كتبها مُعاذ خطيب (الرّاصد)
أنت رائع بكل مافي الكلمة من معنى