هذه التدوينة قليلة أدب كصاحبها، وفيها ألفاظ تخدش الحياء . ان كنت من اصحاب "المشاعر الرقيقة"، لا تكمل قراءة الموضوع. الراصد لا يتحمل اي مسؤولية إن فعلت.
جارنا ابو شاهر الله يرحمه، كان عنده حمار، وسوف لن اذكر اسم الحمار درءا للتجريح وحفاظا على ما تبقى لنا من كرامة. هناك ذكريات طفولية يستحيل ان ينساها المرء، حتى لو رأي وجه كوندوليزا رايس في اليوم مئة مرة. أذكر جيدا حين كان حمار ابو شاهر "تأتيه الساعة" وفي تلك الساعة كان الحمار يصاب بلوثة من جنون، فما نشعر به الا وهو " يُبَرطِعُ "، حيث نراه فجأة قد انخرط في سباق عدو مع عدوٍ وهمي، ربما كان بغلا لم نكن نراه، او أنه لم يكن موجودا اصلا، فكان الحمار يدور راكضا فيِ البيدر، ويظل يدور حتى ينال منه الانهاك، فينبطح على الأرض ويأخذ بالـ " تـَزَعفـُل " ومصارعة نفسه، او مصارعة ذلك البغل ، ثم يعود للعدو حول البيدر مرة أخرى، وهكذا دواليك، حتى تنتهي تلك "الساعة"، ويعود بعدها الى حظيرته مطأطأ الرأس مهزوما منكسا، في حالة هي أكثر ادماء للقلب من نكبة الشعب الفلسطيني ونكسته، مجتمعتين.
شاهدت اليوم فلما بعكس العادة هو غير سينمائي، انما وثائقي، واسمه An Inconvenient Truth وترجمة ذلك هي "الحقيقة المزعجة". سوف لن اقوم بتحليل الفلم وحيثياته بالطريقة التقليدية التي اتبعتها في تحليل الافلام السابقة، ببساطة لان هذا هو فلم وثائقي لا سينمائي، لكن كون الفلم وثائقيا لا يعني أنه أقل أهمية او رواجا من الافلام الأخرى. في الواقع هذا الفلم يجب ان يكون ذا مردود معين على حياتك، وإلا فأنت من المصابين بداء الاحتباس الحماري.
مقطع قصير تمثيلي للفلم
[MEDIA=3]
اسم الفلم An Inconvenient Truth مخرج الفلم بطل الفلم السيناتور والمرشح السابق لرئاسة الولايات المتحدة: Al Gore |
يتحدث الفلم عن الحملة التي يقوم بها آل غور Al Gore الذي نافس جورج بوش الابن في الانتخابات الرئاسية الامريكية السابقة، هذه الحملة التي يهدف غور من خلالها الى توعية العالم بشكل عام والامريكيين بشكل خاص فيما يتعلق بظاهرة الاحتباس الحراري (Global Warming).
وظاهرة الاحتباس الحراري يقصد بها حقيقة أن درجة حرارة الهواء القريب من سطح الأرض آخذ في الارتفاع تدريجيا بشكل ملحوظ جدا منذ العقدين الأخيرين، وهذا بفعل الغازات السامة الناتجة عن الفعاليات الصناعية البشرية المفرطة، التي تتمثل بادخنة المصانع وعوادم السيارات والحرائق، حيث تشكل هذه الغازات طبقة "تحبس" اشعة الشمس المرتدة من سطح الكرة الأرضية، مما يحبس الحرارة التي ترتفع تدريجيا، وكلما ازدادت الغازات ازدادت الطبقة كثافة، وازدادت كمية الاشعة الحبيسة، وازدادت سخونة الهواء المحيط للكرة الارضية. أنظر الشكل التالي:
وقد ارتفعت درجات الحرارة في العقد الحالي بصورة خطيرة جدا، تقود الى الاستنتاج أن البشرية في خطر داهم يتهددها بشكل قريب وواقع خلال الاربعين سنة المقبلة، ما لم تتوقف هذه الفعاليات التلويثية من قبل العالم الصناعي بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص، حيث ان المخلفات التلويثية التي تطلقها الولايات المتحدة تساوي ما تطلقه دول آسيا وافريقيا والشرق الاوسط مجتمعة، كما ان الولايات المتحدة ومعها حليفتها استراليا هما الدولتان الوحيدتان بين كل دول العالم قاطبة، التي رفضت التوقيع على اتفاقية "كيوتو" التي تنص على الحد من كمية التلويث البيئي. كما أن الحرارة ليست المشكلة الوحيدة، فهناك الكثير من العمليات المناخية المعقدة التي تحدث بشكل طبيعي في البيئة التي نعيش فيها، والتي تتأثر بالحرارة سواء كانت حرارة الماء او الهواء، وفي هذه الدورات المناخية تنخرط الكائنات الحية وتتداخل الحياة البرية مع الحياة البحرية، الى درجة يصبح فيها مصير البشر مرتبطا بمصير البلانكتون، الكائنات المجهرية الذي تعيش في اعماق البحار. لكن هذا ليس موضوعنا، واكتفي بهذه المعلومات وهي كفيلة بتوضيح القضية.
الصورة التالية تبين معدل الارتفاع في درجة الحرارة في العقد الماضي
هنا صورتان للثلوج في الجبل الشهير كلمنجارو في تنزانيا، الذي جعله الأديب العالمي آرنست همنغواي (Ernest Hemingway) أحد عناوين أشهر رواياته وهي Snows of Kilimanjaro. الاولى مأخوذة في 1993 والثانية في 2000 اي بعد 7 سنوات… ترى ما هو الحال الآن في 2007 اي بعد سبع سنوات أخرى ؟
إذا، قام آل غور بتحضير عرض رسومي (غرافيكي) محوسب، وقام بعرضه في كل المدن والولايات الامريكية، ولم يكتف بذلك، فالاحتباس الحراري ظاهرة عالمية تهدد كل البشرية، ولذلك فقد سافر غور الى كثير من المدن العالمية الأخرى، وقدم نفس العرض، على أمل ان يلقى الامر الاصداء التي يجب ان يحظى بها على مستوى العالم كله.
قد يقول قائل إن غور هذا غير مهتم فعلا بالامر، وهو مجرد دعاية انتخابية لكسب التاييد الذي سيوصله الى مقعد الرئاسة في الانتخابات القادمة. ربما تكون وجهة نظر معقولة اذا تجاهلنا حقيقة أن غور قدم العرض في اغلب مدن العالم التي تملك صناعة القرار، وبالتالي لم ينحصر الامر في الولايات المتحدة، حيث تعقد الانتخابات. وفي نفس الوقت، ربما يود غور أن يقيم موازنة بينه وبين منافسه ونقصد طبعا بوش، الذي جنن العالم بقضية الارهاب والخطر النووي الايراني، ولم يجد غور شيئا ينافسه به ولا يقل خطورة عنه الا قضية الاحتباس الحراري، لكن الفرق واضح هو ان بوش كاذب دجال، لم يقدم ولا دليلا واحدا على صدق مزاعمه، وجاءت العراق لتكذبه هو وحكومته حيث لا اسلحة دمار شامل ولا يحزنون، بينما غور يعرض حقائق واقعية ونتائج دراسات علمية مستفيضة، عليها يبني تحذيراته من خطر الاحتباس الحراري.
إذا، فهذا يحذر من حرب نووية،
وذلك يحذر من انهيار النظام البيئي … ونحن ؟
ذكرنا سابقا أن آل غور قد جاب اغلب مدن العالم والقى فيها المحاضرات حول خطر الاحتباس الحراري، لكن لم تكن أي مدينة عربية من ضمن هذه المدن التي زارها، ليس لأنها غير مهتمة، بالعكس، بل لأن الدول العربية قد وعت خطورة الاحتباس الحراري قبل آل غور بمئات السنين، ولذلك لم تقم أي منشأة صناعية ولم تسمح لنفسها ان تلوث الهواء النقي وتكون سببا في هلاك البشرية لاحقا، عملا بقوله تعالى "ولا تلقو بأيديكم الى التهلكة". وبالنتيجة، فآل غور زار الدول الصناعية المتخلفة فقط، التي تلوث الاجواء، سحقا لهذه الدول ما اجهلها.
بالرغم من كل ذلك، فأنا انسان متفائل جدا، ولذلك فأنا متأكد أنه سوف لن تمر مئة سنة من الان، الا ويكون العرب قد انتبهوا لخطر الاحتباس الحراري، صحيح سوف تكون الكرة الارضية قد احترقت حينها، لكن لا باس، "فإن مع العسر يسرا"، وحتى ذلك الحين، نسأل الله ان يعيننا ويخلصنا من الاحتباس الحماري الذي ران على عقولنا ونغص غلينا عيشنا وحياتنا.
ملاحظة: حمار جارنا ابو شاهر توفي عن عمر يناهز الثلاثين، لا لعلة او كهولة، فقد اصطدم رأسه اثناء احدى معاركه الملحمية بسكة الحراث الرابضة في طرف البيدر (ربما كان هو البغل إياه قد دفعه عليها، لست متأكدا) ، مما سبب له نزيفا داخليا في رأسه توفي على إثره ، له الرحمة ولكم طول البقاء.
جميل و الى الامام
تم اضافة رابط مدونتك في مبادرتنا
اهلا وسهلا بك في مدونتي، وهي مفتوحة امام الجميع .. لكن لو استشرتني في امر ربط مدونتي بمدونتك لا اعتقد انني كنت سأقبل .. ولا اعتقد انك تعترض على كون هذا من خصوصياتي ! ؟
السلام عليكم
مدونتك لك و هذا شانك , اما مدونتي فاحب ان الونها بالالوان و الافكار و الاختلافات و الاشخاص , ان شئت تشاركني مدونتي من غير شرط و لك حق كتابة ما تشاء فيها ونقدي من غير حدود , ولو لم تدرج رابط مبادرتنا , فالعولمة تزيل الحدود و تشق الطرقات و ترفع عماد الجسور المادية و الفكرية , و ليست العبرة بالاسوار و انما بالحوار
رايت البوور بوينت عن المدونات و دخلت المدونة لاشكرك و لكني نسيت في غمرة المقالات
نراك لاحقا
وردتني الان الفكرة الاتية
ان هذا المقال يشير الى الوعي الجمعي العالمي في هذا العصر , في السابق كان الوعي الجمعي محصورا في القرية و لكن مع تطور الاتصالات و المواصلات (العولمة) اخذ الناس ينظرون الى انفسهم على انهم يسكنون القرية العالمية لذا اخذوا يهتمون ليس بالبيئة المحلية فقط بل البيئة العالمية , لانه لا يمكن فصل البيئات عن بعضها البعض, فغازات مصانع امريكا تزيد من نسب التصحر في افريقيا .
اذا نظرنا الى البيئات على انها بيئات فكرية لرينا ان الافكار لا يمكن الفصل بينها و انها ترتبط ببعضها البعض و تؤثر الواحدة على المجموع و العكس
وهذا حال اوعية الفكر مثل الكتب و ..المدونات