صورة عن العلاقة بين الماريحوانا ومجزرة صبرا وشاتيلا

قبل 4 أيام نشر خبر عن ضبط أسلحة رشاشة وأسلحة ثقيلة وقنابل صاروخية (RPG) في منطقة “عيون أرغش” في لبنان، إضافة لشاحنة محملة بالحشيش من نوع “الكيف”. وقد تبين أن مالكي الأسلحة والمخدرات الذين قبض عليهم هم من أفراد حزب “القوات اللبنانية” المسيحية، وأن الاسلحة التي ضبطت مكتوب عليها باللغة العبرية، مما يؤكد أن أصحابها حصلوا عليها من إسرائيل. وقد اعترف سمير جعجع، رئيس الهيئة التنفيذية لحزب القوات أن من قبض عليهم هم فعلا من أفراد حزب القوات.

هذا الحادث ذكرني بصورة رأيتها مرة، وقد بحثت عنها في ارشيفات الانترنت ووجدتها، وها هي:

قبل 4 أيام نشر خبر عن ضبط أسلحة رشاشة وأسلحة ثقيلة وقنابل صاروخية (آر بي جي ) في منطقة “عيون أرغش” ” المسيحية، وأن الاسلحة التي ضبطت مكتوب عليها باللغة العبرية، مما يؤكد أن أصحابها حصلوا عليها من إسرائيل. وقد اعترف سمير جعجع، رئيس الهيئة التنفيذية...

 

مسلح من أفراد القوات اللبنانية يحرس واحدا من حقول الماريحوانا في لبنان | تصوير رمزي حيدر مصور AFP – يوليو 2008.

الصورة، السلاح الإسرائيلي بأيدٍ لبنانية، والحشيش، ليست مجرد أشياء بدون معنى. هي جزء من التاريخ،

تاريخ الحرب الأهلية اللبنانية التي كان واحد من أكثر فصولها دموية ما نعرفها جميعا كفلسطينيين، مذبحة صبرا وشاتيلا التي ذبح فيها آلاف من المسلمين الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين: صبرا، و شاتيلا.

ففي سنة 1982 اجتاحت القوات الإسرائيلية لبنان للقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تقوم بعمليات فدائية داخل الأراضي المحتلة. وخلال وجودها هناك، كانت تمد “الجبهة اللبنانية المسيحية” ( التي تكونت من الحركات والميليشيات المسيحية: القوات، الكتائب، الأحرار، التنظيم، المردة، وحرس الأرز) كانت تمدها بالسلاح والدعم اللوجستي والتدريب العسكري، ضد عدوها: منظمة التحرير الفلسطينية ومن حالفها، مثل الحركة الوطنية اللبنانية التي ضمت احزابا قومية ودرزية.

بعد نفي قادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس في نفس العام، تحديدا في 14 سبتمبر تم اغتيال بشير الجميل، من قادة الكتائب، وقد كان رئيسا للبنان آنذاك، اغتاله أحد أفراد الحزب القومي الاشتراكي السوري في لبنان. بعد يومين أي في السادس عشر من أيلول، 16.9.1982. تحركت القوات الإسرائيلية بقيادة رئيس الأركان رفائيل إيتان وإشراف وزير الدفاع أريئيل شارون، واجتاحت المدينة، وطوقت مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين. ثم فسحت المجال لقوات “الكتائب” بقيادة إيلي حبيقة الذي كان أيضا قائد حزب “القوات اللبنانية” خلال الحرب الأهلية، لدخول صبرا وشاتيلا، والقيام بتلك المجزرة البشعة على مدى 3 أيام متتالة، مستخدمين البلطات والسكاكين والأسلحة مكتومة الصوت..

هناك أمر مهم جدا. صحيح أن القوات الإسرائيلية امدت القوات المسيحية بالسلاح، وهي مهدت الطريق للمجزرة بقصف مدفعي مركز هدف لحشر الناس في بيوتها كي يسهل صيدها لاحقا، وربما شارك بعض من أفراد الجيش الإسرائيلي فيها، لكن الحقيقة التي أقولها بكل ألم ومرارة، هي أن من قاموا بالمجزرة هم العرب المسيحيون الموارنة من ميليشيا الكتائب والقوات اللبنانية بقيادة العميلين الإسرائيليين إيلي حبيقة وسعد حداد*. هم الذين قتلوا النساء والرجال والأطفال. هم الذين كانوا يأتون المرأة الحامل فيمزقوا بطنها بالسكاكين ويخرجوا جنينها ويذبحوه أمام عينيها وهي لا تزال حية قبل أن يعدموها بالرصاص..

من ناحية أخرى، وهذه أيضا حقيقة، النزاعات التي كانت تحدث في لبنان سببها ليس دينيا فقط، بل حزبيا أيضا، حيث جرت نزاعات مسلحة بين الكتائب والقوات، وهما حزبين مسيحيين، وكذلك بين القوات والجيش اللبناني الذي قاده ميشال عون، وهو ماروني أيضا. لكن هذا بكل الأحوال لا يغير حقيقة “من ارتكب المجزرة”… وأنا شخصيا لم اسمع بحياتي وحشية أشد مما فعلته الكتائب بالفلسطينيين المسلمين، إلا في مذبحة دير ياسين التي ارتكبها اليهود الصهاينة… في كلا المجزرتين كان القتلة يأتون المرأة الحامل ويتراهنوا على جنس الجنين، ثم يمزقوا بطنها بالسكاكين ويخرجوا جنينها ويذبحوه أمام عينيها وهي لا تزال حية قبل أن يعدموها بالرصاص.. كررتها كي تتخيلوها مرة أخرى!

 

* سعد حداد (كنا لا نشاهد إلا قناة “سعد حداد” ونحن صغار وخاصة كارتون “الكتاب العظيم”.. هل تذكرون؟) هو قائد جيش لبنان الجنوبي الذي ضم كل العملاء الإسرائيليين في لبنان من مسيحيين وبعض الدروز والمسلمين (شيعة بمعظمهم)، وقد مات بالسرطان وخلفه في قيادة الجيش “انطوان لحد”، ولذلك عرفت هذه القوات العميلة بـ ”جيش لحد”، قبل العام 2000 حين سيطر حزب الله على الجنوب اللبناني وفر اللحديون مع عائلاتهم إلى إسرائيل.

فيما يلي وثائق كاملة لشهود المجزرة.. 

في الأسفل صور من المجزرة

وفي النهاية افلام وثائقية عن المجزرة

 

تقرير عن مذبحة صبرا وشاتيلا

_________________

ملحق: تفاصيل المجزرة وشهادة أحد الناجين منها

كتبها: أسامة فوزي

 

وبدأت المجزرة
مع ليل السادس عشر من أيلول 1982 استباحت مجموعات ذئبية مخيم شاتيلا وحي صبرا المجاور وفتكت بالمدنيين فتك الضواري ومهما تضاربت المعلومات عن حقيقة ما جرى صبيحة ذلك اليوم وفي اليوميين التاليين فإن من المؤكد أن هذه المجزرة كانت جزءا من خطة مدبرة أعدها بأحكام وزير الدفاع الصهيوني آنذاك اريئيل شارون ورفائيل ايتان رئيس الأركان الصهيوني وجهات محلية أخرى في طليعتها القوات اللبنانية وكان ثمة اجتماع منعقد في مقر القوات اللبنانية في الكرنتينا قوامه اريئيل شارون وامير دروري وايلي حبيقة رئيس جهاز الأمن في القوات اللبنانية واقر في هذا الاجتماع الإسراع في إدخال مجموعات من أفراد الأمن الى مخيم شاتيلا وبالفعل بدأت هذه المجموعات في تجميع أفرادها ومعداتها في مطار بيروت الدولي استعدادا لساعة الهجوم وما أن أطبقت العتمة على المخيم ومحيطه حتى راحت القوات الصهيونية تلقي القنابل المضيئة فوق مسرح العمليات وفي هذه اللحظات بالتحديد كان أفراد القوات اللبنانية يطبقون على سكان المخيم الغارقين في ليلهم وبؤسهم وعندما استفاق العالم على هول ما جرى في هذه البقعة المنكوبة كان العشرات من الذين نجوا من المذبحة يهيمون على وجوههم ذاهلين تائهين وقد روعتهم المأساة وتركت في نفوسهم ندوبا من الأسى الأليم بعدما فقدوا كل شيء إباءهم و أمهاتهم واخوتهم وأطفالهم وزوجاتهم وبيوتهم وصور الأحبة وأشياءهم الأليفة ولم يتبقى لهم إلا غبار الشوارع وأنقاض المنازل المهدمة .
لقد أحكمت الآليات الحربية الصهيونية إغلاق كل مداخل النجاة للمخيم وكان الجنود الصهاينة يهددون الفارين من الرجال والنساء والأطفال بإطلاق النار عليهم في الحال لقد اجبروا على العودة ومواجهة مصيرهم وفيما اجمع المراقبون والمصورين والأجانب العاملون في الهلال الأحمر والمؤسسات الدولية على قول الصحافي الصهيوني امنون كابيلوك ” بدأت المذبحة سريعا تواصلت دون توقف لمدة أربعين ساعة ” وخلال الساعات الأولى هذه قتل أفراد الميليشيات الكتائبية مئات الأشخاص ، لقد أطلقوا النار على كل من يتحرك في الأزقة لقد أجهزوا على عائلات بكاملها خلال تناولها طعام العشاء بعد تحطيم أبواب منازلها كما قتل كثير في أسرتهم وهم نيام وقد وجد فيما بعد في شقق عديدة أطفال لم يتجاوزا الثالثة والرابعة من عمرهم وهم غارقون في ثياب النوم وأغطيتهم مصبوغة بدمائهم وفي حالات كثيرة كان المهاجمون يقطعون أعضاء ضحاياهم قبل القضاء عليهم لقد حطموا رؤوس بعض الأطفال الرضع على الجدران نساء جرى اغتصابهن قبل قتلهن أما في بعض الحالات فقد سحب الرجال من منازلهم واعدموا في الشارع لقد نشر أفراد الميليشيات الرعب وهم يقتلون بواسطة البلطات والسكاكين ودون تمييز لقد كان المستهدف بالضبط المدنيين الأطفال نساء وشيوخ ببساطة ثم استهداف كل ما هو يتحرك لقد عمد القتلة في الليلة الأولى إلى القتل الصامت بدون ضجيج فقلما استخدموا أسلحتهم النارية حتى لا يشعر اللاجئون العزل بما يجري ويقومون بالفرار من المخيمين .
أصداء المجزرة في عواصم العالم اضطرت “الدولة العبرية “، التي كانت قواتها تحتل بيروت، إلى إنشاء لجنة للتحقيق في المجزرة برئاسة اسحق كاهانا رئيس المحكمة العليا، وحدد مجلس الوزراء الصهيوني مهمة تلك اللجنة بقوله إن “المسألة التي ستخضع للتحقيق هي جميع الحقائق والعوامل المرتبطة بالأعمال الوحشية التي ارتكبتها وحدة من “القوات اللبنانية” ضد السكان المدنيين في مخيمي صبرا وشاتيلا” فانطلق التحقيق مستندا إلى تحميل “القوات اللبنانية” المسؤولية – من دون غيرها – عن المجزرة، ومستبعدا المشاركة الصهيونية فيها، و أيضا مشاركة أطراف أخرى كقوات سعد حداد، ولذا كان متوقعا أن تأتي نتائج التحقيق عن النحو المعلن آنذاك، مكتفيا بتحميل الصهاينة مسؤولية “الإهمال” أو “سوء التقدير” !
كما أن الكتب والتقارير الصهيونية الأخرى لم تغفل إيراد أسماء مسؤولين كتائبيين وفي “القوات اللبنانية” كالياس حبيقة وفادي افرام و آخرين، محملة اياهم مسؤولية التخطيط للمجزرة و إعطاء الأوامر بتنفيذ عمليات القتل، مكتفية بتحميل القادة الصهاينة كأرئيل شارون وزير الدفاع آنذاك وامير دروري قائد المنطقة الشمالية مسؤولية المشاركة في اجتماعات تم فيها البحث في دخول عناصر كتائبية إلى المخيمين ضمن إطار “اشتراك الجانب الكتائبي في عملية السيطرة على بيروت الغربية.

العدد مجهول؟!
وفيما لم يعرف بالضبط عدد الذين استشهدوا في تلك المجازر البشعة التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني واللبناني فقد تراوحت الأعداد التي ذكرها المراسلون والشهود والمحققون من مختلف الأصناف بين عدة مئات وبين بضعة آلاف و أما الرقم الأدنى فقد أتى على لسان المدعي العام العسكري اللبناني حينها أسعد جرمانوس الذي أشار تقريره إلى أن عدد الذين قتلوا في صبره وشاتيلا ما بين 16- 18 أيلول بلغ 470 شخصا معظمهم من المقاتلين الذكور وبينهم عدد من “الإسرائيليين” والباكستانيين والجزائريين والسوريين إضافة إلى الفلسطينيين واللبنانيين وذكر التقرير أن بين القتلى 329 قتيلا فلسطينيا ، و أشار تقرير جرمانوس إلى وجود 109 شهداء لبنانين بينهم 12 طفلا و 8نساء أن تقرير جرمانوس الذي شكل فضيحة مكشوفة للسلطات اللبنانية في محاولتها إخفاء الجريمة كان ينسجم آنذاك مع سياسة الحكومة التي كانت قد وقعت بالكامل تحت نفوذ الكتائب وحلفاء “إسرائيل” ومن المعلوم أيضا أن تقرير جرمانوس كان يتناقض بالكامل مع معلومات كل من المخابرات الصهيونية والأمريكية التي قالت أن عدد القتلى يراوح بين 800 – 1000 شخص وعلى أي حال أرقام تقل كثيرا عن تقديرات شهود العيان من الصحافيين والعاملين الصحيين والمصورين الأجانب والعرب والناجين من المجازر الذين اجمعوا على أن الشهداء يتراوح بين 2000-3000 آلاف شهيد ثلثهم من اللبنانيين المقيمين من محيط المخيم في منطقتي الحرش والحي الغربي في تلك الناحية من الحي المعروف باسم حي البعلبكية إضافة إلى شهداء من فقراء مصر وسورية وإيران وباكستان الذين كانوا يعيشون مع الفقراء اللبنانيين في المناطق القريبة من مستشفى عكا ومخيم شاتيلا وقد بقي هؤلاء مع الفلسطينيين أيام الثورة ولم يتركوا أو يغادروا أيام الردة .
إذا من المعروف أن المقبرة الجماعية المعروفة بمقبرة لشهداء صبرا وشاتيلا الواقعة على الطرف الجنوبي للمخيم لا تضم رفات كافة الشهداء بل ذلك الجزء من الشهداء من الذين لم يتح مجال للقتلة لدفنهم قبل انكشاف أمر جرائمهم .
بعد 16 عاما على المجزرة، ما تزال مشاهدها المروعة حية في ذاكرة من عاشوا قساوة تلك الأيام وما يحتفظون به حكايات عن أهوالها.


عائلات أبيدت وحوامل بقرت بطونهن و أطفال تطايرت رؤوسهم

“رأيت عشرات الجثث أمام الملجأ القريب من بيتنا. ظننت في البداية إن القصف قضى عليهم. بدأ القصف بعد مقتل بشير الجميل، كنا في المخيم خائفين من قدوم الكتائب والانتقام منا، لم ننم تلك الليلة وكان الحذر يلف المخيم”.
هذا ما رواه ماهر مرعي – أحد الناجين من مجزرة صبرا وشاتيلا – وهو يصف ما حدث ليلة السادس عشر من أيلول 1982، قال :” رأيت الجثث، أمام الملجأ مربوطة بالحبال لكني لم افهم، عدت إلى البيت لأخبر عائلتي، لم يخطر في بالنا أنها مجزرة، فنحن لم نسمع إطلاق رصاص، اذكر أني رأيت كواتم صوت مرمية قرب الجثث هنا وهناك، ولكني لم أدرك سبب وجودها إلا بعد انتهاء المجزرة. كواتم الصوت “تتفندق” بعد وقت قصير من استخدامها، ولذا يرمونها.
بقينا في البيت ولم نهرب حتى بعد أن أحسسنا أن شيئا مريبا يحدث في المخيم. رفض والدي المغادرة بسبب جارة أتت للمبيت عندنا، وكانت أول مرة تدخل بيتنا. زوجها خرج من المقاتلين على متن إحدى البواخر ولم يكن لديها أحد، فقال أبى لا يجوز أن نتركها ونرحل. كان اسمها ليلى. كانت الجثث التي رأيتها أمام الملجأ لرجال فقط. ظننا أنا ووالدي أن الملجأ كان مكتظا فخرج الرجال ليفسحوا المجال للنساء و الأطفال بالمبيت واخذ راحتهم، فماتوا بالقصف. كنت ذاهبا يومها لإحضار صديقة لنا – كانت تعمل مع والدي – تبيت في الملجأ. كانت تدعى ميسر. لم يكن لها أحد هي الأخرى. كان أهلها في صور و أراد أبي أن أحضرها لتبيت عندنا. قتلت في المجزرة مع النساء و الأطفال. رأيت جثتها في ما بعد في كاراج آبو جمال الذي كان الكتائبيون يضعون فيه عشرات الجثث، بل المئات. كان المشهد لا يوصف !!!
عندما دخل الصهاينة إلى بيروت الغربية كنا نعتقد أن أقصى ما قد يفعلونه بنا هو الاعتقال وتدمير بيوتنا، كما فعلوا في صور وصيدا وباقي الأراضي التي احتلوها. اذكر أني ذهبت صباح يوم المجزرة – وكان يوم الخميس في 16 أيلول – مع مجموعة كبيرة من النساء والأطفال لإحضار الخبز من منطقة الاوزاعي سيرا على الأقدام (كان عمري 14 عاما). كنا “مقطوعين” من الخبز وليس لدينا ما نأكله. رفض أصحاب الأفران يومها أن يبيعونا، كان الخبز متوفرا ويبيعونه إلى اللبنانيين فقط مع أنه كان متوفرا بكثرة. عدنا إلى المخيم فلم نستطع الدخول، إذ كانت الطرقات المؤدية إلى المخيم جميعها مقطوعة، وكان الصهاينة يقنصون من السفارة الكويتية باتجاه مدخل المخيم الجنوبي. عند تقاطع هذا المدخل وبئر حسن، كان هنالك قسطل مياه مكسور، وكان أهالي المخيم يعبئون منه الماء رغم القنص. رأيت عند قسطل المياه “إسرائيلياً” من أصل يمني يقتل فتاتين فلسطينيتين، لأنهما وبختا فلسطينيا أرشد “الإسرائيلي” إلى الطريق التي هرب منها أحد الذين يطاردونهم، هكذا قالت أم الفتاتين التي كانت معهما وهربت عند بدء إطلاق الرصاص. حاول أهل المخيم سحب الفتاتين فقتل رجلان وهما يحملان جثتيهما، – قنصهما الصهاينة من السفارة – ثم ما لبث أهل المخيم أن سحبوهما بالحبال. يومها رأيت ارييل شارون في هليكوبتر أمام السفارة، أحسست أنه قائد صهيوني كبير، لم أكن أعرف من هو إلا بعد أن رأيته على شاشات التلفزيون بعد انتشار أخبار المجزرة.
تمكنا بعد ذلك من العودة إلى المخيم في المساء كانت القذائف المضيئة تملا سماء المخيم، هنا، بدأ صوت ماهر يرتجف عندما اخذ يخبرني ما حصل في بيتهم تلك الليلة – أي الخميس وهو أول يوم في المجزرة. قال ماهر:”عندما أخبرت والدي عن الجثث، طلب منا أن نلزم الهدوء و ألا نصدر أي صوت، تتألف عائلتنا من 12 شخصا، ستة صبيان و أربع بنات و أبي و أمي . كان أخواي محمد واحمد خارج البيت وهما اكبر مني سنا. الباقون كانوا في البيت وكانت جارتنا ليلى عندنا. قرابة الفجر، صعد أخي إلى السطح مع ليلى كي تطمئن على بيتها. كان النعاس قد غلبنا أنا و أبي – إذ بقينا ساهرين ننصت إلى ما يجري في الخارج ونسكت أختي الصغيرة التي كانت تبكي من وقت لآخر.
لم نشعر بصعود ليلى وأختي إلا عندما نزلا. كنتا خائفتين فقد رآهما المسلحون. ما هي إلا لحظات حتى بدأنا نسمع طرقا عنيفا على الباب. عندما فتحنا لهم اخذوا يشتموننا و أخرجونا من البيت ووضعونا صفا أمام الحائط يريدون قتلنا. أرادوا إبعاد ليلى إذ ظنوا أنها لبنانية لأنها شقراء، وابعدوا أختي الصغيرة معها لأنها شقراء هي الأخرى وظنوا أنها ابنة ليلى !
رفضت ليلى تركنا، و أخذت أختي تصرخ وتمد يديها إلى أمي تريد “الذهاب” معها، كان عمرها أقل من سنتين وكانت ما تزال تحبو، في تلك اللحظة، كان جارنا حسن الشايب يحاول الهرب خلسة من منزله، فأصدر صوتا وضجة أخافتهم.
كان هناك شاب من بيت المقداد يطاردهم ويطلق عليهم النار ويختبئ، كان اسمه يوسف، لمحته تلك الليلة عدة مرات، اعتقد أنهم ظنوا في تلك اللحظة أن الضجة صادرة عنه، لذا أدخلونا إلى البيت وهم يكيلون لنا الشتائم، طلبوا من والدي بطاقة هويته، وما أن أدار ظهره ليحضرها حتى انهال الرصاص علينا جميعا كالمطر لم أعرف كيف وصلت إلى المرحاض واختبأت فيه وفي طريقي إلى المرحاض وجدت أخي الأصغر إسماعيل فأخذته معي و أقفلت فمه. رأيت من طرف باب المرحاض كل عائلتي مرمية على الأرض، ما عدا أختي الصغيرة. كانت تصرخ وتحبو باتجاه أمي وأختي وما أن وصلت بينهما حتى أطلقوا على رأسها الرصاص فتطاير دماغها وماتت.


إسماعيل وأنا لم نتحرك. لزمنا الصمت فترة. لم أعد أستطيع التنفس، فحاولت بلع ريقي لاستعادة تنفسي وكنت مترددا في فعل ذلك. إذ كنت – عادة – أصدر صوتا عندما أبلع ريقي وخفت أن يسمعوا الصوت ويأتوا لقتلي. وبالفعل، عندما فعلت كان صوت البلع مسموعا من شدة السكون الذي سطر على البيت لكنهم لم يسمعوني، فقد خرجوا بعد أن نفذوا جريمتهم. كان كل شيء ساكنا، أمسكت الباب كي لا يتحرك لأنه كان يصر – في العادة – صريرا. خفت أن يسمعوه فيعودوا ورحت أحركه ببطء شديد. كما اعتقدت أنهم ربما لاحظوا غيابي وأنهم سيعودون لقتلي. لذا انتظرت بعض الوقت، وعندما تيقنت من خروجهم وعدم عودتهم خرجت من المرحاض و أبقيت إسماعيل فيه. بدأت أتفقد عائلتي. والدتي تظاهرت بداية بالموت وكذلك أختاي نهاد وسعاد، ظنا منهما أني كتائبي . ولكن، والدي وباقي أخوتي “الخمسة” وليلى كانوا جميعا أمواتا ، كانت أمي مصابة بعدة طلقات وكذلك نهاد وسعاد.
أمي ونهاد تمكنتا من الهروب معي وإسماعيل، بينما سعاد لم تستطع لأن الطلقات أصابت حوضها وشلت. تركناها وخرجنا لإحضار الإسعاف – يا لسذاجتنا- ولم نكن نعرف ماذا ينتظرنا في الخارج، الذين دخلوا إلى بيتنا كانوا خليطا من القوات اللبنانية وقوات سعد حداد، إذ كان بينهم مسلمون ولا يوجد مسلمون إلا مع سعد حداد. عرفنا أنهم مسلمون من مناداتهم لبعضهم. كان بينهم من يدعى عباس و آخر يدعى محمود.
بعد خروجنا من البيت تهنا عن بعضنا البعض. بقيت أنا وإسماعيل معا، واخذوا يلاحقوننا من مكان لأخر. أخذت انبه الناس لما يجري، فكثيرون كانوا ما يزالون في بيوتهم، يشربون الشاي ولا يدرون بشيء. اختبأنا في مخزن طحين ثم ما لبثوا أن اكتشفوا أمرنا فهربنا مجددا. أطلقوا الرصاص علينا، هربت وعلق إسماعيل ولم يجرؤ على عبور الشارع كان في الثامنة من عمره، عدت إليه و أمسكت بيده وهربنا معا. ثم ما لبثنا أن وجدنا جمعا حاشدا من النساء والأطفال كانوا يجرونهم إلى المدينة الرياضية حيث يتمركز “الإسرائيليون” فانضممنا إليهم”.

بقروا بطن جارتنا

نهاد أخت ماهر كانت في الخامسة عشرة من عمرها في ذلك الوقت. الآن هي متزوجة ولديها ستة أطفال، قالت إنها كانت تحمل أختها الصغيرة على يدها عندما بدأ المسلحون بإطلاق النار”لا أعرف كيف سقطت من يدي، أصيبت بطلقة في رأسها وأنا أيضا وقعت على الأرض . أخذت أختي تحبو – و تفرفر – باتجاه أمي وهي تصرخ ماما.. ماما.. أطلقوا الرصاص على رأسها فسكتت على الفور. جارتنا ليلى كانت حاملا. عندما أصيبت بدأ الماء يتدفق من بطنها، وماتت. تظاهرت بالموت، وبعد خروجهم بقليل – لا أدري بكم من الوقت – بدأت أتفقد الجميع . فهمست لي أمي : ارتمي وتظاهري بالموت قد يعودون.
أجبتها لا آبه، فليعودوا ! عندها خرج ماهر – وإسماعيل في ما بعد. كنت أظنهما ميتين. ما أن رأيت ماهر ارتميت على الأرض، فقال : لا تخافي أنا ماهر. عندها اطمأننت أنا ووالدتي، وقمنا لحمل أختي سعاد ومساعدتها على النهوض فلم نستطع . لقد كانت مشلولة. طلبت من ماهر وإسماعيل أن يهربا إلى خارج المخيم وأن يركضا بأقصى سرعة حتى لو أضعنا بعضنا. لم يكن معنا مال، إذ أخذوا كل مالنا. كان لدينا عشرون ألف ليرة خبأناها في “كيس حفاضات” أختي الصغيرة، رغم أني تظاهرت أنه مجرد كيس حفاضات ! كان المسلحون يتكلمون بالعربية، لكن البعض منهم لم يتكلم على الإطلاق، كانوا شقرا، وعينوهم زرقاء، عندما هربنا، أضعنا ماهر وإسماعيل وبقيت مع أمي على أمل أن نذهب إلى مستشفى غزة لإحضار إسعاف إلى سعاد. أخذنا نتنقل من بيت إلى آخر ونحن ننزف. كثيرون لم يصدقوا في البداية أن مجزرة تحدث في المخيم، إلا عندما رأونا مصابين والدم يغطينا. وصلنا إلى مستشفى غزة فوجدنا أخوي الكبيرين أحمد ومحمد هناك أمام المستشفى. كانت الناس تتجمع عند مدخل المستشفى. كانوا يصرخون والرعب يسيطر عليهم.
سألتها عن أختها سعاد التي بقيت في البيت، قالت إنهم عادوا إلى البيت وضربوها “بجالون المياه” و أطلقوا عليها النار مجددا ! “بعد الحادثة، لم نعد نتكلم مع بعضنا عما جرى. كنا نخاف على بعضنا من الكلام. لذا، لم اسأل سعاد شيئا ! ! “.
توقفت المجزرة السبت في 18 أيلول، مئات الجثث في الشوارع والأزقة ترقد تحت أطنان من الذباب. أطفال مرميون على الطرقات. نساء وفتيات تعرضن للاغتصاب منهن من بقين على قيد الحياة، ومنهن من قضين عاريات في أسرتهن أو على الطرقات أو مربوطات إلى أعمدة الكهرباء ! ! رجال قطعت أعضاؤهم الجنسية ووضعت في أفواههم، مسنون لم ترأف بهم شيخوختهم ولم يعطهم المجرمون فرصة أن يرحلوا عن هذا العالم بسلام، ومن لم يقض منهم في فلسطين عام 1948 قضى في المجزرة عام 1982، حوامل بقرت بطونهن وانتهكت أرحامهن و أطفال ولدوا قسرا قبل الأوان وذبحوا قبل أن ترى عيونهم النور.
المقبرة الجماعية التي دفن فيها الضحايا هي اليوم مكب للنفايات ومستنقع يغرق في مياه المجاري ولا يسع الموتى – حتى في موتهم – أن يرقدوا بسلام ! ! أما الناجون، فيعيشون في ظروف إنسانية وسياسية صعبة، أقل ما يقال فيها إنها موت بطيء يلاحقهم منذ المجزرة.
واليوم كيف نقرأ المجزرة ؟ أنقرأها كمجرد ذكرى نستعيدها أم نقول “عفا الله عما مضى ” ونمضي إلى حياتنا وكأن كل شيء على ما يرام ؟ هل نكرر المطالبة بمحاكمة الفاعلين، اليوم وقبل الغد، أم ننتظر تغير موازين القوى الدولية والمحلية ونقول للعدالة أن تنتظر؟ من يقرر العفو عن المجرمين وبأي حق يعفو؟ و إذا قبلنا أن نعفو عن جرائم الحرب في لبنان فكيف نربي أطفالنا بعد ذلك؟ أنربيهم أن الحق للقوي أم نربيهم على الخوف بحجة حمايتهم من القتلة، أم نطلب منهم التغاضي عن دم الأبرياء ، فينشئون “بلا دم” وفاقدي الحس والعدالة؟ وإن أكملنا على هذا النحو- ونحن أكملنا – أنمنع الصهاينة من ارتكاب مجازر جديدة ؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

12 تعليقات

  1. لا اله الا الله ….. والله ليأتي يومـ ننتصر …. والله ليأتي يوم ننتصر …. والله ليأتي يومـ ننتصر …..
    حسبنا الله ونعم الوكيل

  2. لا علاقة للقوات اللبنانية بالمجزرة . حبيقة العميل السوري بإمتياز هو من قام بها

  3. لا تخاف با أخ معاذ … لا ننسى التاريخ ولا المسؤولون عن مجازره …
    مقالة ممتازة وجديرة بان تقرأ

  4. نعم مجرمو الكتائب مسيحيين , ولكنهم لم يمثلوا اي فصيل من المسيحيين المسيحيين انذاك ولا اليوم. ولم يرتكبوا المجرزة ضد ال"فلسطينيين المسلمين" (على حد قولك) على اساس ديني, ولم يستثنوا الفلسطينيين المسيحيين . انما لكونهم "فلسطينيين" وحسب, وفلسطين فلسطينية عربية وبس لا مسلمة ولا مسيحية.
    لا تحاول اخذ المأساه "الفلسطينية" هذه الى الملعب الديني والاستثمار فيها .

    كعادتكم, تستغلون كل فرصة لتأجيج الطائفية, واعلم انكم لن تكفوا عن هذا النهج, ولكن عالاقل العبوا بعيدا عن جروح وندبات الشعب الفلسطيني.

    ودورلك عطيرقة اذكى من "التبهير" واضافة كلمة هون وكلمة هناك واللعب بالمسميات والمصطلحات…

    • شكرا لك.
      المجرمون انتموا للكتائب، كانت تسمى "الكتائب المسيحية"، وهي تمثل الفصائل المسيحية التي سبق ذكرها : القوات، الكتائب، الأحرار، التنظيم، المردة، وحرس الأرز. لم نقل غير ذلك. هي سمت نفسها الكتائب المسيحية، ولم اسمّيها انا، فلا تشوه كلامي.
      كما اني لم اقل ان الضحايا كانوا فقط مسلمين، مع انه واضح ان اغلبيتهم الساحقة ان لم يكن جميعهم من المسلمين.
      لم ولا اقوم بالتبهير، اقرأ جيدا وانظر اني تعمدت ان اذكر حقيقة ان الامر لم يتم فقط على خلفية دينية بل سياسية، لكنك طبعا بما انك انسان اتهامي لا تقبل الرأي الآخر، تجاهلت ذلك ولم تذكره.
      شكرا

  5. اي اي هاي السكوب ؟!. ولاول مرة من ٣٠ سنة للمجزرة, وبعد الاف التقارير والتحليلات . يكشف الدافع الحقيقي للكتائب بارتكاب المجزرة بمخيمات صبرا وشاتيلا :::
    لانهم مسلميين !!!!

  6. المقال رائع بكشف الحقيقة المأساوية السوداوية الله ينتقم من كل قاتل

ما رأيك بما قلتُه؟ أسعدني برأيك !!