لماذا تعتبر داعش محمد مرسي والإخوان المسلمين كفاراً مرتدين؟

تخيّلوا حركة الإخوان المسلمين في مصر، عشرات السنين وهي تمارس الدعوة للإسلام وتقوم بالبرامج الدعوية التي هدفت لأمر بسيط لكنه عظيم: إحياء قيم الإسلام في نفوس الناس، وإعادتهم للدين ولعبادة الله، وسط أجواء عارمة من الفساد والانحلال الأخلاقي والتغريب الذي مارسته وسائل الإعلام. عانى الإخوان المسلمون القمع والاضطهاد والسجن والتعذيب والقتل على يد كل من حكم مصر بسبب مشروعهم النبيل هذا، كانت آخر فصوله الانقلاب الدموي السيساني الذي أودى بحياة الآلاف من خيرة أبناء مصر ومثقفيها ومهندسيها وأطبائها.
وفجأة، في يوم وليلة، يظهر تنظيم اسمه “الدولة الإسلامية” (داعش)، ويبشرنا بإسلام جديد، يبرع أعضاؤه بالذبح والسلخ والتشويه، لا يعرفون من الإسلام سوى آية “فضرب الرقاب”، ولا يعرفون من أحكام الإسلام سوى حكم المرتد، ولا يفقهون من أصول الدين سوى أن كل من لا يقبل بحكم داعش هو خائن “صحوجي” مرتد وجب قتله. والأدهى من ذلك والأمرّ، قيامهم مؤخراً بتكفير محمد مرسي وجماعته (الإخوان) والحكم بردّته !! هكذا، بجرّة قلم وفيديو يوتيوب واحد وتسجيل لم يتجاوز طوله دقيقتين. لديهم موظف خاص بالتكفير، كل من لا يعجب أميرهم يمرر اسمه له على ورقة، فيشغل جهاز التسجيل ويتلو البيان الذي نشره سابقاً بخصوص إعلان ردّة شخص آخر، وفقط يغيّر فيه الاسم. “محمد مرسي”.
لا يحاول أن يفهم ولا أن يشغّل عقله قيد أنملة.
محمد مرسي وجماعته في السجن يحاكمون لأنههم قالوا ربّنا الله، ومع ذلك تحكم داعش بردّتهم ويكفرونهم ويستحلون دماءهم !

مقاطع الفيديو

في الفيديو أدناه، المتحدث الرسمي للدولة الاسلامية” ابي محمد العدناني ” يكفّر محمد مرسي ويتهمه بأنه “الطاغية المرتد” ويحكم بردّته عن الإسلام هو وجماعته ! وهناك سببان لذلك في نظر هذه الجماعة المارقة: أمر محمد مرسي بالقصاص من المعتدين الذين هاجموا حافلة للجيش وقتلوا كل من فيها بدم بارد، والثاني،  أن الإخوان المسلمين اضطروا للمشاركة في الانتخابات الديمقراطية التي أعقبت سقوط المخلوع مبارك، علما أن “الديمقراطية كفر” في نظر داعش !!

خطاب العدناني “إلى أمير القاعدة” (أيمن الظواهري-  يطالبه فيها بتكفير محمد مرسي) .

 

خطابه الآخر الذي فيه يكفر الاخوان المسلمين ويتهمهم بالزندقة لأنهم شاركوا بالانتخابات !

فيكفر العدناني مرسي لأنه أمر الجيش بمهاجمة المسلحين في سيناء الذين حاولوا تقويض نظام حكم الإخوان الناشئ، واعتدوا على الجنود وقتلوا عددا كبيرا منهم واختطفوا آخرين. لا يذكر العدناني أن “المجاهدين” في سيناء كفّروا مرسي وهاجموا جيشه لأنه “مرتد” وقتلوهم بدم بارد. يذكر فقط أن مرسي أمر بأن تأخذ العدالة مجراها وأن يتم القصاص من المعتدين ! وبالمناسبة، ما هو عدد الهجمات التي نفذها هؤلاء “المجاهدون” ضد إسرائيل، وما هو عدد الهجمات التي نفذوها ضد المصريين ؟

وبخصوص الديمقراطية، ولكي لا تكون حجّة لهؤلاء التكفيريين، أقدّم لكم هذا البحث الرائع الذي يبحث، هل الإخوان المسلمون كفروا حين شاركوا بالانتخابات “الديمقراطية” . اقرأوه هنا.

فيديو آخر، يقولون عن مرسي انه طاغوت مرتد ويهددونه بالمفخخات ويقولون ان قتله وجماعته (الأخوان) عبادة يتقربون بها لله عز وجل !!
والواضح ان هذا الشخص القميء لا ينطق بنات أفكاره انما يبث من السموم ما حقنه فيه قادته والناطقون باسم “دولته” مثل العدناني وغيره.

فهل هذا هو الإسلام يا سادة ؟ التكفير على الطالعة والنازلة دون أي اعتبار للظروف والواقع والمنطق الصرف؟

من الأمور التي تظهر الغباء والخواء لدى داعش، هو تكفيرهم كل من يشارك بأي عملية “ديمقراطية”، ومنهم الإخوان المسلمين (نعم، كفّروا الإخوان المسلمين ومحمد مرسي ووصفوه بالطاغية المرتد”). فما هو السبب؟
يقولون أن “الديمقراطية هي حكم الشعب” وهذا يتعارض مع الآية القرآنية “إن الحكم إلا لله”. ومن يتأمل في هذا الكلام يكتشف سطحية وغباء وجهل وتخلّف منقطع النظير. فالديمقراطية هي أن يقوم الشعب باختيار الحاكم، ولو أردنا اعتبار هذا “كفراً” ، لوجب علينا أيضاً أن نقول أن وجود خليفة يحكم الناس هو كفر مثله. فما الفرق بين وجود رئيس حكومة، وبين وجود خليفة أو أمير؟
الديمقراطية أيها المتخلفون هي أن تختار الشعوب من يحكمها، وبعد ذلك يمكن دون أي مشكلة أن يقرر هذا الحاكم أو النظام الذي يحكمه، أن يعمل ويطبّق الشريعة الإسلامية في الحكم حسب ظروف العامّة والدولة والمحيط. وهذا ما كان ينوي فعله محمد مرسي الذي كفرتموه، لكنه كان ينوي فعله على مراحل، بالتدريج، بما يتلاءم مع الواقع المزري لمصر بعد الثورة، وليس مثلكم، تبدأون بالقتل وسفك الدماء وإنزال العقوبات والقصاص من البداية ثم تقولون “أقمنا دولة الإسلام” !

تعليق واحد

  1. شكرا جزيلا على المقال

ما رأيك بما قلتُه؟ أسعدني برأيك !!