هل أنا مع أم ضد القتل على شرف العائلة؟ ولماذا؟

– معاذ خطيب، انت مع ولّا ضد القتل على خلفية شرف العائلة؟

+ كيف تسألني مثل هذا السؤال أصلًا!!  انا ضد القتل أيا كان، إلا خلال مواجهة في حرب أو خلال دفاع عن النفس أمام شخص يوشك على قتلك !
أنا ضد القتل على خلفية شرف العائلة، على خلفية “رومانسية” كما يسمّونها اليوم (قصدهم علاقة زنا غير شرعية لكن وجدوا لها اسمًا أجمل وهو “خلفية عاطفية” !) ، على خلفية نزاع على أرض بين أخ وأخيه، على خلفية شائعات تطلقها امرأة ضد جارتها، او على خلفية أن كلب جارنا دخل دون إذن على حديقة جارنا الآخر (حصلت!)، على أي خلفية كانت!
وضد استعمال هذه الورقة للهجوم على المجتمع وشتمه ونعته بالمجتمع المتخلف والرجعي والذكوري وغيرها من الهراء الذي يُستعمل لتجييش العواطف وتجميع اللايكات وتجنيد الأموال وتعبئة الجيوب من الدول الأوروبية.
القتل يطال الجميع لا النساء فقط، بل إن ضحايا جرائم القتل من الرجال أكثر بأضعاف مضاعفة من النساء (وهذا معروف.. اسمعوا الأدلة في كلامي في الفيديو التالي). والجريمة جريمة سواء كانت ضحيتها امرأة أو رجل.

(فيديو الحوار الكامل هنا )

– لكن لم يحصل أن قتل رجل بسبب شرف العائلة !!

+ ولم يحصل أن امرأة قتلت على خلفية نزاع على أرض أو صراع بين عصابتين !
الجريمة هي جريمة! لماذا مقتل امرأة متزوجة باشتباه أنها تقيم علاقة غرامية يجب أن يكون أخطر من قتل الرّجل باشتباه أنه باع حصّته من الأرض لابن العائلة “المعادية”؟ ولماذا لا يتم التعامل مع جريمة مرأة تقتل زوجها لتهرب مع عشيقها (وهذا حصل كثيراً وسمعنا عنه الاسبوع الماضي فقط!) على أنها “جريمة على خلفية شرف العائلة”، بل لا يتم الاهتمام بالأمر ويُعتبر جريمة عادية مثل كل الجرائم التي تزدهر في مجتمعنا والحمد لله؟
صحيح هناك ظلم للمرأة في بعض الأماكن والمجتمعات، لكن هذا موضوع آخر. نتحدث هنا عن جريمة القتل نفسها . البعض يريد أن يصل بنا لدرجة يصبح فيها الرجل خجولاً من أنه رجل. يهاجمون الرجولة والذكورة بالتعميم وبدون تمييز حتى يصبح الرجل = الكائن الحي المتوحّش القاتل المُجرم مصاص الدماء. ويزعمون أن المشكلة هي في “الشرف”، ويصبّون هجومهم ليس على الجريمة بل على الشّرف نفسه، حتى تتخيّل أن هدفهم ليس القضاء على القتل والجريمة بل على الشّرف والفضيلة!
الخلاصة (وانتبهوا أنني هنا لا اتكلم عن رأي الشرع لأننا نتحدث عن واقعنا الّذي فيه غاب تطبيق الشرع والحكم به): شرف العائلة أو شرف القطّة الأليفة التي عندكم: جريمة قتل الأم، الاخت، الزوجة، الأخ ، الأب، ابن العم، الجار، ابن الحارة الفوقا، ابن الخلّة، “ابن العرص”، او حتى جريمة قتل كلب أو قط دون سبب مقنع هي جريمة مُنكَرة، بغض النظر من هو منفذها ومن هو ضحيتها.
لذلك ، لكل المتسلقين على “شرف العائلة” للظهور والبروز وتحقيق مكاسب سياسية وماديّة (دولارات ويورو):
اشلحونا !

===

– شكلك تهرّبت من السؤال. كمان مرة يا معاذ: انت مع ولا ضد قتل النساء والفتيات بحجّة شرف العائلة؟

+ طيب رح أجاوبك.. ركّز معي بس تحمّل شوية تفاصيل عن حياتي عشان تعرفني أكثر.

من لما كنت صغير، ولا مرة اعتبرت حالي أحسن من اختي لانه انا ذكر وهي انثى. بصراحة، ياما أكلت قتل من ابوي بسبب غوشة مع اختي أو قلة أدب مع أمي. دايمان كان ابوي يقولي انه “اختك لازم تعاملها باحترام”.. “أمك الي ربّتك ودارت بالها عليك”.
أبوي متدين كثير، وانا متديّن أقل ب100 كيلومتر من أبوي. وكل المتدينين الي بعرفهن بعلّموا اولادهن على احترام الكبير والصغير، الزلمة والمرة، القريب والبعيد. المشكلة مش بالعادات والتقاليد، لأنو فش اي تقاليد عربية أو إسلامية تحثّ على إساءة معاملة المرأة. بل العكس: العقيدة الاسلامية الي يفترض انها أساس ثقافتنا العربية، حافلة بما يحض على احترام المرأة، ولا ننسى قول سيدنا محمد يوصي ذاك الصحابي حين قال له “أمّك ثم أمّك ثم أمك”، وما ينطبق على الام ينطبق على الزوجة والاخت والبنت. وكونه في بعض الأوساط بتعامل المرأة كأنها أقل درجة من الرّجل، هذا إشي لازم نقاومه ونرفضه.
المشكلة مش بالدين ولا بالمنظومة الأخلاقية العربية أو الإسلامية. المشكلة بسوء التربية. إذا أبوك بعامل امك بقلة احترام، إنت على الأرجح رح تطلع مثله وتعامل مرتك واختك وبنتك بقلّة احترام. والعكس صحيح.
الزنا جريمة عظيمة وكبيرة من الكبائر عقوبتها في الإسلام شديدة، لكن العقوبة ينفذها قضاء اسلامي عادل، تحت حكم إسلامي رشيد يعمل على منع اسباب الزنا قبل ان يعمل على معاقبة الزناة. لكن اليوم غاب حكم الاسلام، وواجب الأب أو الزوج أن يقيم حكم الاسلام في بيته، ليس بإنزال العقوبات والضّرب والقتل، بل أولا بإحسان التربية والتثقيف وإحسان الرعاية.
الشّرف قيمة سامية ورائعة لانه يعني العفة والطهارة والحفاظ على كرامة المرأة، الشّرف واجب الحفاظ عليه؛ لكن واجب الحفاظ على الروح أكبر وأهم!

إن أعجبكوا كلامي شاركوه (شير) :)

طيب ما هو برأيك حل المشكلة؟

عن أي مشكلة تسأل بالتحديد؟ الجريمة، أم إشاعة الانحلال الأخلاقي، أم تحريض المرأة على زوجها وأبيها؟

دعني أقول لك أولًا: إنهاء جرائم القتل ليس بارتكاب جرائم التحريض!
ولأن القتل جريمة نكراء يجب استنكارها ورفضها بكل شدّة بغض النظر عن الأسباب، فيجب في نفس الوقت استنكار قيام البعض باستغلال هذه الجريمة للتحريض على “المجتمع المتخلّف الذكوري” وكأن كل المجتمع أو كل الذكور قاموا بشكل جماعي بقتل الفتاة ضحية “جريمة الشرف”. استغلال مقتل الفتاة للتحريض ليس فقط فيه ظلم لغالبية المجتمع، بل أيضًا سيولّد ردّ فعل عكسي من المجتمع بدل التعاطف مع الضحيّة ، فالتحريض العنيف سيدفعك لرد فعل عنيف مثله! علمًا أن كثيرا من الناشطين والناشطات “النسويين والنسويات” يسارعون للتهجم على المجتمع والذكور بعد كل جريمة تكون ضحيتها فتاة حتى قبل أن تتضح معالج الجريمة ومرتكبها وأسبابها وهل خلفيتها “شرف العائلة” أو هي جريمة جنائية عادية كانت ضحيتها هذه المرّة فتاة، بينما تكون في معظم الأحيان شابًا ولا تجد أحدًا يهاجم كل “المجتمع المتخلّف” لأن الجاني وحده يتحمّل إثم جريمته.
جرائم قتل النساء هي أفعال منكرة بكل المعايير تماما مثل قتل الرجال، واستغلالها من قبل “ناشطين” نسويين وجمعيات لمهاجمة كل المجتمع وشيطنة كل الذكور وترويج الأجندات الدخيلة وثقافة التحرّر بل الانحلال الأخلاقي ، وكأن حلّ مشكلة العنف ضد المرأة هو تشجيعها على الانحلال، فهذه أيضًا جريمة يجب رفضها والتصدي لها.

أما الحل فهو بسيط، وهو التربية الصالحة والسليمة. تربية الفتاة لتلتزم بالأخلاق وتحترم القيم (السليمة!) للمجتمع الذي تعيش فيه؛ أن تحترم والدها وعائلتها ولا تمارس ما قد يجلب لهم العار وقد يؤدي لرد فعل عنيف.

وتربية الشاب والأب والأخ، بأن أخته أو ابنته هي جزء منه، وأن قتلها جريمة لا تقل فظاعة، وحتى إن كانت متورطة في “جريمة شرف”، فقتلها حتمًا لن يعيد شرفها !!

ما رأيك بما قلتُه؟ أسعدني برأيك !!