شماتة وفرحة !
الصور العلوية التقطتها عند كنيسة نوتردام في باريس، عام 2016. الصور السفلية عناوين أخبار تتحدث عن قيام صحف رسمية صربيّة بإعلان فرحتها وشماتتها باحتراق الكاتدرائية التي بناها القوط في القرن الثاني عشر، بسبب أن الكاتدرائية رفعت علم دولة كوسوفو (المسلمة) ضمن أعلام دُول أخرى في احتفال أقيم العام الماضي في الكاتدرائية بمناسبة مرور 100 عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى. صحيفتي The Alo و The Informer الصربيتين كتبتا في العناوين أن الحريق كان “عقابًا إلهيًا” على قيام الكنيسة “برفع علم كوسوفو المزيّف، ولذلك اشتعلت فيها النيران”.
في آخر صورة تعليق رأيته بنفسي على يوتيوب لشخص يقول: “الحمد لله على احتراق كنيستكم، فقد حرقتم الكنائس الصربية” (الروابط في الأسفل).
لكن ما سرّ هذه الفرحة؟
تاريخيًا، لمن لا يعلم، في التسعينات قامت حرب تطهير عرقي ضد المسلمين في كوسوفو حيث ارتكبت المجازر ضدهم بسبب رغبتهم في الاستقلال، وقد انتهت الحرب بعد قصف حلف الناتو للقوات الصربية مما أجبرهم على الانسحاب، ونالت كوسوفو استقلالها في ال2008.
دينيًا، كنيسة نوتردام (Notre-Dame de Paris والتي معناها “كاتدرائية سيدتنا العذراء لباريس”) هي كنيسة كاثوليكية، بينما تتبع صربيا للكنيسة الأرثوذكسية، ومعروفة حالة العداء بل الحروب التي استمرت قرون طويلة بين الكنيستين.
وما هي العبرة من كل ذلك؟
بكل الأحوال:
(1) الكراهية والحقد الديني الطائفي موجودة عند الجميع، وقد رأيت أشخاصًا حاقدين في بلادنا يتهمون المسلمين بأنهم شمتوا باحتراق الكنيسة، ونسوا أن شماتة كثير من غير المسلمين كانت أكبر وأشدّ
(2) التاريخ، يجب أن نتعلم منه، لكن يجب أيضًا أن لا يكون هو أساس حكمنا على الأشياء في الحاضر. دعوكم من ادعاءات أن هذه الكنيسة “منها انطلقت الحملات الصليبية” وهو قول لم أجد له أي أصل. وحتى لو كان صحيحًا، فهذا كان في الماضي. وإن كان الماضي يبرر أي فعل في الحاضر، فمسجد آيا صوفيا كان كاتدرائية بناها قسطنطين الثاني وكانت مقر الامبراطورية البيزنطية. هل هذا يبرر السعادة باحتراقها اليوم؟
هذه الكنيسة هي تاريخ. والتاريخ يجب أن يتم الاطلاع عليه والاستفادة منه، لا الفرح باحتراقه!